قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com||
ثمة أخبار تتداولها وسائل الإعلام المحلية والدولية، عن نشاط متجدد لتنظيم داعش الإرهابي، سواء في العراق أو في سوريا، وأن عمليات ملاحقة وتفتيش تقوم بعا القوات العراقية المشتركة البطلة، في الحواظن السابقة لهذا التنظيم الوبائي، ومن المؤكد أن هذه العمليات سنكلل بالنصر المؤزر، نظرا لأن قواتنا ومنها حشدنا الباسل، باتت أقوى وأكثر خبرة بمئات المرات، عنها عندما أحتل الأشرار ثلث مساحة العراق، في حزيران الشؤم عام 2014..
لاشك أن داعش وسائر التنظيمات المتطرفة التي تحمل عنوانا إسلاميا، كانت نتاجا طبيعيا للفكر الوهابي المنحرف، الذي صادر المذهب السُني وحجر عليه، وهي وأخواتها وبلا شك وباء وبيل، أحاق بالأمة الإسلامية قبل أن يؤذي البشرية، وينزل بها النوازل، فهل يمكن تلمس الطريق، للتخلص من هذا الوباء الوبيل الفتاك؟!
قبل هذا السؤال؛ ثمة سؤال أكبر يفرض نفسه على العقل وهو، هل هنالك رغبة حقيقية فعلية؛ لدى البيئة التي نشأ فيها داعش وترعرع، بأن تتخلى عنه وتعمل على القضاء عليه، خصوصا وأن هناك ثقافة فاشية في تلك البيئة، تعتقد أن داعش وأخواته، يمثلون عزا وقوة بل وفخرا لها!
الحقيقة المفزعة تفيد بأن الفكر ألظلامي، بات متغلغلا في المجتمعات الإسلامية الُسنية بعمق، وهو يبسط وجود في المدارس، والمساجد وفي الجمعيات الخيرية، والمنتديات الثقافية وفي الإعلام، وفي التربية والتعليم، والحياة في تلك المجتمعات متخمة بالممنوعات، التي غالبا ما تترك حديث الحلال بنعناه التسامحي، وتتحدث عن الحرام ؛ وعن الكفر والتكفير، بكل أبعاد الممنوعات المليئة بمطبات الزجر والترهيب، وحيث من لا يقبل أطروحة الظلام؛ يُعدُ مارقا مرتدا، أو جاحدا وكافرا، وعادة ما تكون النصوص الشرعية، جاهزة بشكل لا يتيح حدا أدنى من النقاش!
التفكير ألظلامي، أنتج التكفير هذا الكائن المرعب، الذي يترتب عليه إزهاق اروح من يوصمون به، ويكاد يكون قد هيمن على طرائق التفكير، وتفاعلات النفوس، ونسق الحياة لقطاعات واسعة من أبناء تلك المجتمعات، ومن لم يتقبل هذا الحال طواعية، فهو مرغم على التفاعل معه بحكم النوع المذهبي!
أصحاب التفكير ألظلامي وحملته والمتشاطئين معه؛ لا حياة في بيوتهم، فهم يمارسون ما تفرزه عقدهم النفسية، حتى على أطفالهم وذويهم، وتسلل هذا التفكير الى داخل بيوت تلك المجتمعات؛ ثم هيمن على العقول، وبات كثير منهم "داعشي" التفكير والمنهج والسلوك، في تعامله مع أسرته ومحيطه الأجتماعي، فهو فظ غليظ.
في تراثنا المعرفي؛ نجد أن الفظاظة والغلظة أرث قديم، يعود الى أكثر من أربعة عشر قرنا، حيث أغلظ بعضهم حتى على رسولنا ألأكرم صلواته تعالى عليه وعلى آله، ساعة رحيله، فقالوا عنه إن الرجل ليهجر، بدل أن يودعوه بمعاهدته؛ على البقاء أمناء على ما جاء به، لكن هيهات ذلك؛ فما جاء به يخالف بشكل تام فطرتهم التي جبلوا عليها!
داعش سينتهي من على سطح الأرض، وسيتم تدمير شجرته في العراق والشام، لكن هذا الفكر الإجرامي، الذي هو نتاج طبيعي لذلك ألإرث، سيقوى وينتشر كفايروس الكورونا.
إذا لم تقم للأمة الإسلامية بصفحتها السُنية، بتقديم رؤية محدد وواضحة وكلية، لمعالجة عقلانية قد تكون مؤلمة، ولكنها شجاعة، تنقد خلالها التاريخ؛ نقدا يعيد ترتيب الوقائع، ويسمي الأشياء والأحداث بأسمائها، فسوف نشهد ظهور ألف تنظيم متطرف؛ بعد القضاء على داعش!
الحقيقة أن شجرة داعش سيتم تدميرها، لكن ماذا عن الجذور؟!
هذه الجذور ستنتج بالتأكيد أجيالا جديدة، بمسميات وثياب جديدة، معظمها ينسجم مع متطلبات العصر، وسيخلعون الثياب القندهارية، وسيرتدون الجينز والكاجول، وكثير منهم نزلوا أو سينزلون الى الساحة؛ ببدلات سموكن وربطات عنق، وتفوح منهم عطور ديور!
كلام قبل السلام: سوف لن يتخذوا من المغارات والجحور؛ ملاذات ومضافات لهم، وسيهجرون الصحاري والقفار، إذ سيسكنون الفنادق الفاخرة والفيلات الفخمة، وسيعملون في الشركات الكبرى واسواق المال، وسيمتلكون مؤسسات التسوق الكبرى (المولات)، بل هم الآن أعضاء في مجلس النواب العراقي، وأشقاء لوزراء في الحكومة العراقية!
سلام..
https://telegram.me/buratha