عمار محمد طيب العراقي||
وفد ثلاثة نصابين على أحد الملوك، وزعموا أنهم عمال تمرسوا بحياكة النسيج، وأن في وسعهم صنع قماش يتميز بخاصية عجيبة، فلا يرى هذا القماش إلا من كان ابن أبيه حقاً، أما إذا كان ابنا غير شرعي، حتى إن اعتقد أنه شرعي، فإنه لن يتمكن من رؤيته.
وقد سعد الملك بالفكرة أيما سعادة، وشعر أنه سيتمكن بهذه الوسيلة، أن يميز الرجال في مملكته، فيعرف من منهم شرعي النسب، ومن منهم غير شرعي، ذلك أنه لا يجوز عند الملوك، أن يورّث الآباء أبناءهم غير الشرعيين.
وقد أمر لتحقيق هذا الغرض بتخصيص قصر، لصنع هذا النوع من القماش، ولكي يتمكن النصّابون الثلاثة من إقناعه بأنهم لا يخدعونه، وافقوا على أن يُحبسوا في القصر، حتى يفرغوا من صناعة القماش.
وشاء الملك الاستئناس برأي آخرين، قبل أن يقرّر ما يفعل، فأرسل وزيره لتفحص القماش عن كثب، ليتأكد من أنهم لا يخدعونه، وعندما رأى الوزير العمال لم يجرأ على الاعتراف بأنه لم ير شيئاً بين أيديهم، فقفل عائداً للاجتماع بالملك وإبلاغه بأنه رأى القماش!
لكن الملك عزم على التحقق من الأمر بنفسه، وعندما دخل القصر ورأى العمال منهمكين في الحياكة، أحس بقلق عظيم من ألا يكون الابن الشرعي لأبيه، ولكنه رأى أنه إذا اعترف بأنه لم ير شيئاً فربما فقد مملكته، وبتأثير من هذا الشعور أخذ يمتدح عمل الحائكين، وسارت الأمور على حالها حتى حل موعد عيد كبير، فنُصح الملك بأن يرتدي ثوباً مصنوعاً من القماش الجديد.
آنذاك تظاهر الملك بأنه ارتدى حلته الجديدة غير المرئية، فامتطى صهوة جواده متجهاً إلى المدينة، وكان من حسن الحظ أن الفصل كان صيفاً، وعندما رأى الناس جلالته عارياً أصابتهم الدهشة، ولكنهم احتفظوا بالدهشة لأنفسهم خوفاً من الفضيحة!
غير أن زنجياً لم يكن يملك شروى نقير، صاح لدى مرور الموكب الملكي قائلاً: “ليس لديّ ما أخسره يا سيدي ولا يهم ابن من أنا، ولذلك أقول لك إنك تركب الجواد بيننا عارياً”.
سارع الملك إلى جلد الزنجي قائلاً؛ إن الأخير ليس الابن الشرعي لأبيه، ولهذا لم يتمكّن من رؤية الملابس المصنوعة من قماش غير مرئي، ولكن ما أن تفوه الزنجي بعبارته عن الملك العاري، حتى شعر الناس أنه ينطق بالحقيقة، فرددوا العبارة مراراً..وأخيراً زال الخوف من بطانة الملك، وأدركوا حيلة النصابين الثلاثة الذين لاذوا بالفرار، حاملين معهم ما أمر لهم الملك من أعطيات.
الزنجي الفقير المملوك وليس المالك، والذي لم يكن لديه ما يخسره إذ يجهر بالحقيقة، يكشف بتدخله المفاجئ أنه ليس عبداً، بل كائن يتوق إلى الحرية بكل معانيها.
الأغبياء وحدهم؛ هم من يعتقدون بأن الثوب الذي خاطه الرئيس الصهيوأمريكي ترامب، وشاركه بتفصيله وزير خارجيته مايك بومبيو، ووزير دفاعه مارك إسبر، والذي ألبسوه الى السيد رئيس وزراء العراق في زيارته الأخيرة لواشنطن البلاء، هو ثوب حقيقي، فقد إتضح أن قماشته من النوع الذي ُزعم أنها تخفي من يلبسه عن الأنظار!
رئيس الوزراء العائد من واشنطن بوعد أمريكي بالإنسحاب الكامل من العراق، كان قد أُلبس ثياب الوهم، وأكتشفنا خلال أيام بعد عودته، أن لا إنسحاب أمريكي ولا هم يحزنون، وأن الأمريكان باقون ولكن بثياب جديدة، هي ثياب بعثة الناتو لتدريب القوات العراقية، إذ أعلن المجرم ترامب، يوم الخميس 10/9/2020، خلال مؤتمر صحفي نشره البيت الأبيض، عبر حسابه على موقع "تويتر" وتناقلتها وسائل الاعلام، أن الولايات المتحدة ستخفض قواتها في العراق إلى ألفي جندي خلال فترة قصيرة جداً.
من جهة اخرى، أعلنت الحكومة الألمانیة في نفس اليوم، خفض عديد جنودھا المشاركین في مھمة العراق، من 700 إلى 500 جندي كحد أقصى.
لكن وزيرة الدفاع الألمانیة أنیجريت كرامب - كارنباور، فضحت عري الحقيقة، فقد قالت: "تنظیم داعش يواصل أنشطته الإرھابیة أيضا خلال جائحة كورونا. يتعین لذلك الإبقاء على الضغط العسكري على التنظیم"، مشیرة إلى أن الحكومة العراقیة ترغب في استمرار تدريب قوات الأمن العراقیة، عبر مھمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
أمريكا هي العضو الرئيس في الناتو، ولذلك سيرتدي جنودها المخفض عديدهم ثياب الناتو، ويبقون لإتمام ما تحدثت عنه كارنباور..
لكن الشعب العراقي قد أتخذ قراره مبرما، بتسديد من المرجعية وتصميم كل المخلصين،وبدماء الشهداء والمجاهدين بإخراج تام للقوات المحتلة ولا يمكن بقاء جندي واحد من أي جنسية وتحت أي عنوان على أرض الطهر والنقاء ، ارض العراق التي لا يرتقيها إلا أبناء آبائهم..
الحقيقة عارية مثل ثياب الملك..!
شكرا
https://telegram.me/buratha