ليس بين السودان ولبنان سوى اتحاد الوزن والقافية حتى العروبة لم تعد من القواسم المشتركة التي تجمع الدول العربية في آلامها وأحلامها وآمالها وواقعها , ولم يعد هناك مايستدعي حراكا مشتركا في المصائب والكوارث الطبيعية كالفيضانات والحرائق والزلازل وغير الطبيعية كانفجارات حاويات الامونيوم وامثالها لاسيما بعد موجات التطبيع بين الدول العربية واسرائيل فقد تحولت البوصلة العربية الى بوصلة عبرية وتبدل الشعار من (بلاد العرب اوطاني) الى (بلاد العبري اوطاني). السودان ولبنان ذاتا الوزن والقافية الواحدة مع زيادة في مباني السودان اللغوية التي لم تشفع لها في اهتمام العرب ورعايتهم, لبنان والسودان كلاهما عضوان في الجامعة العربية , وكلاهما عضوان في الجمعية العامة للامم المتحدة , وكلاهما تعرض لكارثة مصدرها واحد فكما القى البحر سفينة نترات الامونيوم على مرفأ بيروت ليدمر بيوت الفقراء والمترفين ومنهم بعض الحكوميين العراقيين, القى نهر النيل امواجه الغاضبة على بيوت الفلاحين الفقراء في المدن السودانية. كان بامكان الجيش السوداني ان يبني سدودا وخزانات لاحتواء ماء النيل بدلا عن الذهاب للموت امام ابطال جبال صعدة وصنعاء ورجال قبيلة همدان الشجعان الذين قال عنهم امير المؤمنين كما في الرواية عنه: ولو كنت بوابا على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلام. كما كان بامكان القوى اللبنانية المتحالفة مع مثلث الجريمة امريكا واسرائيل والسعودية العمل مع حزب الله لحماية لبنان بدلا من التآمر عليه واهدار مئات الملايين من الدولارات من جيوب اللبنانيين الخاوية لضعضعة امن لبنان ولاجل تشكيل محاكم دولية مدفوعة الثمن ضد حزب الله ولاجل دعم الارهابيين المهاجرين من مغارات الدنيا ودفعهم لقتال جند الائمة عليهم السلام. بعد كل هذه التشابك والتشابه والمشتركات بين السودان ولبنان اذن لماذا هذه النخوة وهذه الصيحة ذات النبرة العالية باتجاه بيروت في مقابل هذا الخفوت الذي لايكاد يسمع باتجاه الخرطوم من العرب والغرب على حد سواء؟ ربما يقال لاتوجد عيون زرقاء في الخرطوم ولاتوجد عيون خضراء في بورسودان مثلما توجد في بيروت وطرابلس , ولاتوجد في السودان جارة للقمر لكي يحمل ماكرون الرقيق حقيبته ويشد الرحال الى السودان كما فعل مع جارة القمر المغنية اللبنانية فيروز. ولكن هذا كله ليس له قيمة في الادبيات السياسية وفي حساب المصالح الدولية , فلا بياض اللبنانيين ولا شقرة اللبنانيات جعلت العالم يتباكى على لبنان ولا صوت فيروز جذب تعاطف العالم مع لبنان. العامل الرئيس في هذا التفاوت الكبير في الاهتمام العربي والعالمي بين السودان ولبنان يعود لوجود حزب الله في لبنان وعدم وجوده في السودان فقد اعطى حزب الله للبنان هيبة مختلفة عن غيره من الدول وان لبنان ماقبل حزب الله ليست كلبنان مابعد حزب الله وان لبنان مع حزب الله ليست كلبنان دون حزب الله فقد اصبح حزب الله نعمة للبنان واللبنانيين من هذه الجهة ايضا بعد نعمة تحرير الارض وحماية العرض لان اكثر الذين اعلنوا عن المنح والمساعدات الى لبنان من الدول العربية او الاوربية – مع ان اكثرها بالونات للاستهلاك الاعلامي- لم يعلنوا ذلك حبا باللبنانيين ومشاركتهم محنتهم وانما جاء تدخلهم وارسالهم المساعدات بغرض النفخ في العقدة اللبنانية وتوسيعها وزيادة الحرائق في الشارع اللبناني كل ذلك في اطار التضييق على حزب الله وصناعة جو سياسي وشعبي مناهض لحزب الله وتحميله مسؤولية ماحدث في بيروت على امل حصولهم على بعض المكتسبات من ابقاء القوى المساندة لهم في لبنان فاعلة وقوية عن طريق المال السعودي والاعلام الامريكي والصهيوني وهذا ماجعل البوصلة تتجه دوما باتجاه لبنان حزب الله وليس لبنان جارة القمر.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha