المقالات

لكي لا يصبح التشيع في خبر كان..!


 

عمار محمد طيب العراقي||

 

أيام كنا في الدراسة الابتدائية، وحتى في الثانوية؛ كان المعلمون يجلسوننا صفوفا صفوفا، الطويل في آخر الصف، وأقصر الطلاب في الرحلة الأولى، هذه إقتضاءات نظم الأمر، حتى تستقيم الأمور، ويمضي الدرس الى نهاية أربه، ويتسفيد الكبير والصغير، والطويل والقصير!

من نتاج الديمقراطية عندنا، أننا تكتلنا بعضنا "على" بعضنا بعض، أفراد يتكتلون "على" بعضهم بعض، وتكون الصورة أكثر وضوحا ولمعانا، عندما تلتقط لجماعة أو لعدة جماعات، مستقوين ببعضهم بعض، مشكلين جماعة سياسية، قبالة آخرين تكتلوا بعضهم "على" بعض، مستقوين "على" الذين ذكرنا قبالتهم، مشكلين هم الآخرين جماعة سياسية أخرى!

 تغدو حقيقة ذلك ناصعة عندما تتراص الجماعات، "على" أو "الى" بعضها مكونة كتلة، إذ لاحقا تكتلت الجماعات السياسية بعضها "على" بعض، مشكلة كتلة سياسية، قبالة جماعات أخرى تشكلت بذات الكيفية،

قلنا تتكتل بعض "على" بعض، وليس بعض "الى" بعض.."على" تفيد شيء، و"الى" تفيد شيئت آخر مغاير له تماما، والهدف هو نفسه عند الأفراد والجماعات: الأستقواء! وإلا ما جدوى تشكيل الكتل والائتلافات؟!

ديمقراطية"على" تتزاحم فيها؛ مكونات الكتل السياسية فيما بينها، التي "فوق" الكتلة تستطيع أن تتنفس بحرية، وأن تحظى بامتيازات ومنافع مختلفة، التي  "تحت" تتنفس بشق الأنفس مثلما يقول المثل، وغالبا ما تختنق ليتنفس الذي "فوق" فقط، فيما تبقى هي "تحت" لا يعرف إن ماتت أو عاشت..!

ديمقراطية "على" أنتجت الناس اللي فوق والناس اللي تحت..وشكرا لعادل إمام؛ فقد كان أول من توصل الى توصيفها هكذا!

ديمقراطية "الى" تتراص فيها الصفوف، صف بجانب صف، يشكلون ما أطلق عليه النص الألهي تسمية "البنيان المرصوص"، ويا له من نص منظم مانع جامع سهل ممتنع، لكن مشهد الكتل السياسية، جاء وفقا لديمقراطية"على"، لا حسبما تقتضيه أصول "البنيان المرصوص".

ثمة ساسة؛ مشوا"على" الديمقراطية فداسوها بأقدامهم، ولم يسيروا "إليـ"ـها..!

على ساسة الشيعة في العراق، وكي يتخلصوا من وصفهم الذي لازمهم في الآونة الأخيرة"غمان الشيعة"  أن يخضعوا لإرادة المكون الذي يدعون تمثيله، كي يستحقون صفة "القادة" أن يعيدوا بناء "التحالف الوطني، وأن يوجدوا توصيفا دقيقا لوضعه وعنوانه، من بين التوصيفات الآنفة؛ فهل هو صف دراسي منتظم، أو جماعات  تكتلت "على" بعضها، فأختنق الذين تحت، أو أنه أخوة تراصوا "الى" بعضهم بعض، فغدوا "بنيان مرصوص"؟!

على المستوى الوطني، وفي الصف الإسلامي، لاشك أن الفترة؛ التي بدأت باستشهاد الرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام، والتي انتهت باستشهاد أخوه ووزيره، أمير المؤمنين علي عليه السلام، والتي يسميها جمهرة من المسلمين، بفترة الخلافة الراشدة، تعتبر من الفترات التأسيسية في التاريخ.

في خلال هذه السنوات القليلة، تأسس وربما الى الأبد واقع الاختلاف، الذي نما وتطور الى ما نحن عليه اليوم، ومع أننا لا نعلم الى أين سينتهي، في الآفاق الزمانية التي ندركها، لكن القدر المتيقن؛ أن زمنا (يرونه بعيدا ونراه قريبا...) سيشهد تغييرا جذريا وحاسما؛ سينهض به الإمام المنتظر "عج"...

لا شك أن وقائع تلك الفترة، هي التي صاغت الفكر السياسي؛ لكل الفرق الإسلامية بلا استثناء، تلك الفترة التأسيسية بالتاريخ، جرى تقديسها زمانا ومكانا لدى المسلمين، وأتخذ التقديس هنا منزلته، بصرف النظر عن الجوهر لدى الجمهرة التي أشرنا إليها، والتي امتدت بنيتها الى يومنا هذا.

لقد شكلت أغلب ما لدى القوم من بضاعة في هذه السوق، وما لديهم اليوم؛ ليس إلا رجع صدى لتلك الأيام، رسخت في عقولهم وعقول أحفادهم الباطنة، وغلبت على بؤر شعورهم، على الرغم من بقائها في هوامشها، فتحولت الى مناهج وسلوك..

مشكلة الاختلاف نشأت إذًاً؛ من تقديس التاريخ، وعدم إخضاعه للنقد، في أي مرحلة من مراحله.. وكلما تعتق التاريخ؛ تكتسب نصوصه قدسية أضافية بالتعتيق، كأنه خمور الأديرة، لا تستمد جودتها لدى الرهبان إلا بتعتيقه.

المخطط الصهيو واهبي أمريكي يريد فتح صفحة جديدة في خلافات الأمة، صفحة أشد عتمة وحلاكا من إنقسام الأمة الدائم، وهي أن يتم تقسيم الشيعة الى شِيع، وأن تحصل حرب شيعية شيعية لا تبقي ولا تذر، يصبح فيها التشيع في خبر كان..!

ـــــــــــــ

شكرا

7/9/2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك