تلقى يزيد بن معاوية مثلما تلقت الامة الاسلامية رسالة الامام الحسين التاريخية (ألا وإنّ الدعي بن الدعي قدْ ركز بين اثنتين، بين السلة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة) فما من كلمة يقولها الامام الا وتصل الى مسامع السلطة الاموية بوساطة المخبرين وكتاب التقارير الامميين الذين أسهموا في قتل الشيعة وقادتهم من عهد الطاغية معاوية بن ابي سفيان الى عصر الطاغية صدام حسين. ولو تجاوزنا عن توصيف (الدعي بن الدعي) وعدم نسبته الى يزيد بن معاوية استنادا الى مايظهر ان مخاطب الامام الحسين عليه السلام هو عبيد الله بن زياد مع عدم امتناع انطباقه على يزيد او على ابيه معاوية لاسباب منها: ان روايات الفريقين دلت على ان النواصب لاهل البيت عليهم السلام لاتصح انسابهم فقد ورد في الاثار عن عبادة بن الصامت كنا نبور (نختبر) أولادنا بحب علي بن أبي طالب فإذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا)أسنى المطالب ص ٨، نهاية ابن الأثير ١ ص ١١٨(. ومنها :ان ابن زياد لايدعو لنزول الامام على حكمه هو وانما يدعو لنزول الامام على حكم يزيد بن معاوية. ومنها: ان عبيد الله بن زياد ونظرائه من الدنيويين وعشاق المناصب كعمر بن سعد ليسوا اكثر من ادوات تنفيذية تتلقى الاوامر دون نقاش او اجتهاد او ضمير مثله مثل كثير من عملاء العصر الحديث الذين ينفذون اجندات الاستكبار العالمي لقتل المؤمنين او حصار المستضعفين. فلاخلاف في ان قرار قتل الامام الحسين عليه السلام قرار يزيدي بامتياز كما ان سبي عيال الحسين قرار يزيدي بامتياز وهذا يدل على صحة انطباق قول الامام الحسين عليه السلام على يزيد وانه هو الدعي بن الدعي ايضا. ولكن هل ان يزيد ابن معاوية او عبيد الله بن زياد فهما مراد الامام الحسين عليه السلام وما كان يقصده من (الذلة) في قوله عليه السلام (هيهات منا الذلة) ام انهما فهما المراد ولكن ارادا التشفي بالاسر والضرب الجسدي؟ لايمكن ان يتصور أن الامام عليه السلام كان بصدد نفي الذلة بمعنى الضرب والسبي والاذى الجسدي كما لايصدق الظن ان الذلة التي ارادها يزيد للامام الحسين هي سلبه او ضرب عياله وسبيهم. ففهم الاذلال الذي منعه الامام الحسين عنه وعن عياله على انه التعذيب الجسدي والسبي فهم سقيم فالامام يعلم ان اهل بيته سيتعرضون للسبي والضرب ومع ذلك قال هيهات منا الذلة فهو اذن ناظر الى معنى مختلف للذلة المستحيلة على اهل البيت عليهم السلام وهي التنازل والخضوع وهذا هو معنى الذلة المرادة في حديث الامام الحسين ذلة الاستسلام والخضوع والهيمنة على الروح وليس السيطرة على الجسد وهذه هي نفسها التي طلبها يزيد من الامام الحسين وخيّره بينها وبين القتل وهي استسلام روح الامام الحسين وتسليم ارادته وموقفه ليزيد. . في المقابل لما عجز يزيد عن اخضاع الامام الحسين واسرته لم يبق بيده الا المبالغة في تعذيبهم الجسدي والتنكيل بهم جسديا ظنا منه انه يكذب تحدي سيد الشهداء عليه السلام ويشوه قيمة الكلمة التي اطلقها شعلة للاجيال الا انه يعلم ان هذا التعذيب الذي مارسه لم يوهن الكلمة او يقلل منها بل ازدادت مع كل ضربة سوط تلالا وشموخا وارتقت مع كل كلمة نطقها سيد الساجدين او اطلقتها عقيلة الطالبيين امام عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha