المقالات

لمحة عن النهج التكفيري السرطاني


 

د. رعدهادي جبارة☆||

 

   مخطئٌ من يظن أن النهج التكفيري قد تأسس و ظهر بعد الغزو السوفييتي إلى أفغانستان في أواخر السبعينات و أول عقد الثمانينات.

    فبعد وفاة رسول الله (ص) مباشرة بدأت تظهر هذه النزعة المنحرفة، كما حصل في قصة خالد ومالك بن نويرة. حيث إن خالد بن الوليد إدعى أن مالك بن نويرة إرتد و كفر، فأنكر مالكٌ ذلك، وقال:‏ (أنا على الإسلام ما غيرتُ ولا بدلتُ) وشهد له بذلك أبو قتادة وعبد الله بن عمر ،فقدمه خالد وأمر بضرب عنقه،بل وقبض خالد إمرأته فنكحها بالقوة!!!، فقال الخليفة عمر بن الخطاب لأبي بكر‏:‏ (إن خالد قد زنى فإرجمه)، فرفض أبوبكر، فقال له عمر بن الخطاب:‏ (فإن خالداً قد قتل مسلما فاقتله)، فرفض ابوبكر فقال الخليفةعمر:‏ (فاعزله)، فرفض ابوبكر (النهاية ‏‏4/521‏)‏، فلما دخل خالد المسجد قام إليه عمر بن الخطاب وقال له:‏ ( أَ رياءً قتلتَ امرءاً مسلماًً، ثم نزوتَ على إمرأته، والله لأرجمنّك بالجنادل) و خالد لا يكلمه، حتى دخل خالد على أبي بكر فاعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه، واستمر أبوبكر بخالد على الإمرة رغم قتله مالكاً ونكاحه فوراً لأرملته واعتبر الخليفة ان خالداً تأوّلَ فأخطأ!

  بيد إننا رأينا كيف أن رسول الله (ص) لما بعث خالداً إلى أبي جذيمة فقتل أولئك الأسارى فوداهم(دفع دياتهم) رسول الله (ص)  و رفع يديه نحو السماء وقال ص:‏

 ‏ (اللهم إني أبرأ إليك مماصنع خالد)‏

      و بعد ذلك استمر التكفيريون يذبحون المسلمين و يتجرؤون على انتهاك الحرمات، فظهر الخوارج و سفكوا من دماء المسلمين انهاراً إذ كفّروا الإمام علي بن ابي طالب ع و كل المسلمين. ثم جاء يزيد إلى السلطة بقوة السيوف ولم يبايعه الإمام الحسين سبط النبي ص وبعض الصحابة  فادعى يزيد كفر الإمام الحسين ع [ و هو سيد شباب أهل الجنة بنص الحديث النبوي المجمَع عليه] و أمر بقتله!!

  و استمر النهج التكفيري حتى ظهور ابن تيمية و محمد بن عبد الوهاب و ظهرت فتاوى التكفير و قطع رؤوس المسلمين في نجد و الحجاز و الاحساء ثم التوجه للاعتداء على كربلاء و النجف الاشرف ونهب العتبات المقدسة. و كان ذلك منطلقاً للنهج التكفيري الوهابي.

   و لا ننسى أن نشير إلى ظهور تنظيم  (التكفير والهجرة) الذي نشأ في السجون المصرية على نهج الخوارج في العام 1971م، حيث تولى قيادته و صياغة أفكاره شكري مصطفى، (من مواليد يونيو 1942م) الذي اعتقل عام 1965م، و أدخِل السجن بتهمة انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، وفي السجن تولدت أفكاره ونمت، واعتبر نفسه مصلحاً، وبايعه أتباعه [أميراً للمؤمنين!!]، وقائداً لجماعة المسلمين.

   و أطلقت الجماعة على تنظيمها «التكفير و الهجرة»، و انتهجت نهج الخوارج في التكفير، حيث أحيت الجماعة فكر الخوارج بتكفير كل من ارتكب ذنباً و أصر عليه و تكفير الحكام على الإطلاق بل و تكفير المحكومين لرضاهم بهم، و تكفير العلماء لعدم تكفيرهم أولئك الحكام، كما أن «الهجرة» هي العنصر الثاني في فكر الجماعة التكفيري، و يقصدون بها اعتزال المجتمع و ترك "معابد الجاهلية" أي "المساجد" !!!!

   إذن؛ لا ينبغي ان نظن أن الغزو السوفييتي لأفغانستان كان هو السبب في ظهور سرطان الجماعات التكفيرية ابتداء من "العرب الأفغان" مرورا ب"القاعدة" ثم عصابات الزرقاوي في العراق و قاطعو الرؤوس في الجزائر و تونس و المغرب و مجاهدوا [منافقوا] خلق في إيران و لاحقاً داعش في السعودية ثم سوريا ومنهما الى العراق (الموصل و الانبار) بدعم تركيا وال سعود عبر حدود سوريا و جنوب تركيا ، ثم عصابات "بوكو حرام" القتلة لمحبي أهل البيت ع ومعزّي المواكب الحسينية في نيجيريا ، ثم ما يسمى ب"جيش أبين" في جنوبي اليمن.

   وسنبيّن - في مقال لاحق - الأضرار الفادحة الناجمة عن هذا النهج السرطاني التكفيري و التنظيمات الإرهابية، على الصعد الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية في الشرق الأوسط وتسبُّبها في ظاهرة (الاسلاموفيا) في أوروبا و أمريكا و بقية بلدان العالم.

 

☆كاتب صحفي وباحث اسلامي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك