ضحى الخالدي||
الهولندي الطائر تسمية أُطلقت على سفينة أشباح أسطورية لا يمكنها أن ترسو في ميناء, و محكوم عليها بالإبحار في المحيطات إلى الأبد. تقول الأسطورة أن السفينة تظهر متوهجة كضوء شبحي, و عند إقتراب أي سفينة منها يتبيَّن أن أفراد طاقمها ماتوا منذ زمن بعيد, و في عالم المحيط يعتبر ظهورها علامة شؤم للبحارة, و نذيراً بكارثة وشيكة.
جانين هينيس بلاسخرت ممثلة الامين العام للمتحدة في العراق منذ خريف 2018, وزيرة الدفاع الهولندية السابقة, و الضابط الأسبق في البحرية الهولندية, ربما نسيت منصبها كرئيس لبعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق UNAMI إلا أنها لم تنسَ كونها ضابطاً في البحرية لا زال يلقي الاوامر و ينتظر من الساسة العراقيين أن يطيعوه كجنود البحرية على ظهر حاملة طائرات تابعة لحلف الناتو.
ففي كل الدول التي تشرف فيها الامم المتحدة على الإنتخابات يقتصر دورها على الإستشارة و التدريب و مراقبة سير الإنتخابات في مراكز الإقتراع و العد و الفرز بمشاركة مراقبين من كافة الكتل و الاحزاب المشاركة في العملية السياسية؛ لكن أن يصل الأمر إلى التدخل في كافة الشؤون الإدارية و الفنية لهو إنتهاك صارخ لسيادة العراق و كأنه قاصر عن إدارة شؤونه, فقد رفضت بعثة الامم المتحدة في العراق المشاركة في إجتماع اختيار المدراء العامين للمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات –الذي هو من اختصاص مجلس المفوضين- بحجة عدم إشراكها في إجراءات إختيارهم من البداية؟ فهل سنشهد يوماً تدخل البعثة في إختيار المفوضين انفسهم و المصادقة عليهم؟ و الذي هو من إختصاص مجلس النواب؟ أنباءٌ مسرَّبةٌ تحدثت كذلك عن تدخل البعثة حتى في إختيار اجهزة الإقتراع الالكتروني!
و لا تعدو عبارات الإحاطة التي قدمتها للجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً إلا إستمراراً لذات النهج المنحاز و المتسلط.
لعبت هذه السيدة الغامضة دوراً مثيراً للجدل خلال عامَي تواجدها في العراق, لا سيما اثناء فترة التظاهرات, و قد كان أداؤها متناقضاً فمرة ترى بأن الظروف غيرمناسبة لإجراء الإنتخابات المبكرة, و مرةً ترى بأن من المناسب إجراؤها و ترحب بذلك. و كان أداؤها منحازاً غير محايد على عكس سلفها يان كوبيتش. لم تتعاطَ بذات الأهمية و الدقة مع أحداث مثل شهيد الوثبة و الشهيدين العليّاوي,و لم يبدُ عليها ذلك الإهتمام بحادثة إغتيال الشهداء القادة لا سيما الشهيد المهندس بإعتباره عراقياً, و بالإحراج الكبير الذي تعرض له العراق بإغتيال ضيفه الكبير الشهيد سليماني, بل و لم تُبدِ ذات التعاطف مع الشهيد أحمد مهنّا باعتباره أحد المتظاهرين الذين من المفترض انهم وضعوا ثقتهم بها و ببعثتها و اشترطوا إشراف الأمم المتحدة على الإنتخابات المبكرة كأحد مطالبهم, فهل لا زالوا يضعون الثقة بالسيدة التي حرَّفت كلام المرجعية حال خروجها من دار المرجع الأعلى في المؤتمر الصحفي الذي عقدته في شارع الرسول على بعد خطوات من دار المرجع الأعلى؟!
فهل يراد من سفينة الهولندي الطائر ان تقوم بما عجز عنه المبعوث الاميركي بريت ماكغورك و السفير ماثيو تولر؟
طبعاً ألومها إن حرفت كلام المرجعية لكني قد أحملها على محمل الخطأ في الترجمة حين أجد مستشار رئيس الوزراء الناطق بالعربية يحرّف مواقف المرجعية, و يتجاوز حدود سلطاته و بابا غنوجه و حمّص بطحينته و جاجيكه ليقيم مؤتمراً صحفياً, و يطلع البدر علينا من ثنيات التشكيك في شرعية و وطنية قراربرلماني صادر بالأغلبية.
https://telegram.me/buratha