د.حيدر البرزنجي||
لم ينسَ ماكرون ، كما لم ينسَ قبله ميتران ،ان فرنسا كانت يوماً دولة لها شأنها في تقرير مصير دول ، وانها دولة ذات تجربة بالهيمنة والاحتلال ، لذا في حين حاول ميتران التمرد على القيادة الاميركية بتصريحه ذات يوم " ضحك ريغان ،عطس ريغان ، فلن أقف باستعداد " بما في تلك النبرة من تحدٍ .
ماكرون مع ترامب ،أدرك ان دور فرنسا آخذ بالمزيد من التراجع ، ولم يعد لها من دور وسط الكبار،سوى حق " فيتو " نادراً ما استخدمته ،كما أمريكا وروسيا والصين .
فرنسا بلد الجمال والعطور والرجال الأنيقين ، لكنها بلد السياسة المرتعبة ، التي تبحث عن أيما دور ،حتى لو اقتصر على "صدى" يريده ترامب .
جاء ماكرون الى لبنان بعد انفجار بيروت ، ليوحي بأن فرنسا ماتزال "الأم الحنون" كما كانت بنظر بعض اللبنانيين ، لكن تلك "الأم " تغيرت نظرتها الى لبنان ،فهي اليوم ،تطالب علناً بعزل الطبقة السياسية ،التي طرحت خيار مقاومة اسرائيل وعدم الخضوع للهيمنة الأمريكية / السعودية ، فطرحت ضمنا اسمي ميشال عون ونبيه بري ، وهي تمهد الأجواء ليعود الحريري بصلاحيات واسعة ،وهو المطلب الأمريكي / السعودي – تهيئة للتطبيع الكامل والسير في ركاب الإمارات .
ذلك الدور الماكروني ، ينبغي أن أن يشمل العراق ، بعد عدم نجاح الدور الأمريكي / البريطاني ، رغم انهما طبقا في لبنان ، ما حصل في العراق ، وبالحركات ذاتها ( تظاهرات تصادمية –احداث اضطرابات تزعزع الوضع في كليهما- حملة اعلامية مكثفة ضد الخصوم ) لكن التأثير في البلدين ،لم يكن على درجة متقاربة ،لاختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين ،فالعراق يمتلك من الثروات الطبيعية ما يمكنه التعويض اقتصادياً ، لكن في البنية المجتمعية ، لم تكن الحاضنة الاجتماعية لل (الحشد) ) صعبة الاختراق ، كما الحاضنة الاجتماعية للمقاومة في لبنان ، ففي العراق ،حدثت تصدعات واختراقات ملحوظة في تلك الحاضة، فيما بقيت حاضنة المقاومة في لبنان ،متماسكة الى حدّ كبير، لكن الاثنين حافظا على تماسك جهازهما العسكري ومناعته.
ماكرون جاء ليؤدي دوراً مقارباً لما أداه في لبنان ، وبتساوق مع المُحرّكين ذاتهم – دون نجاح ملموس حتى الآن- لكن ماكرون في كل حال ،يحاول اظهار انه مايزال صاحب دور ، لدولة ، تريد ان تكون لها كلمة بين الكبار.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha