ليس كل عشقٌ حرام، وليس كل معشوقٌ غريب، وهل سمعت او رأيت يوماً طفلةً رضيعةً تعشق وترتبط بعلاقة لا تنفصم مع معشوقِها، فلا تهدأ ولا تنام الا في احضانهِ وتشم عطره، هكذا كانت السيدة زينب (عليها السلام) وهي رضيعة لا تهدأ ولا تكف عن البكاء بين ذراعي السيدة الزهراء (عليها السلام)، لكنها تهدأ فقط عندما يمسكها شقيقها الحسين (عليه السلام)، فتحدق في وجهه وتنام بسكون وطمأنينة. عاشت معه كأمةٍ بين يدي مولاها تخدمه بعينيها، تزوره دائمة ويزورها، ذات يوم لم تأتي السيدة زينب لزيارة الحسين (عليه السلام) سأل: ما بال زينب لم تأتِ، فذهب إلى دارها، ودخل إلى حجرتها وإذا بها نائمة من شدة المرض، والشمس نالتها بأشعتها ولا غطاء عليها، وقف (عليه السلام) عند رأسها وفتح عباءته لكي يظللها من الشمس، فلما أحست بالظل فتحت عينيها فأذا عينها في عين محبوبها الحسين (عليه السلام) قالت: اخي حسین ماذا تفعل؟ أانت تأتي لزيارتي وتظللني من الشمس؟ فضلاً عن ذلك السيدة زينب هي التي قررت الخروج مع أخيها الحسين (عليه السلام) في ثورته، رغم أنها من الناحية الدينية والاجتماعية في عهدة زوجها عبدالله بن جعفر والذي كان مكفوف البصر ، وهي من كانت تدير اموره وتقضي حوائجه الا ان ذلك لم يمنعها من مرافقة أخيها الحسين (عليه السلام)فقررت تجاوز كل العوائق واستأذنته في الخروج، فأذن لها وبعث معها ولديه عون ومحمد. ولما اعترض كبار بني هاشم الامام الحسين (عليه السلام) ورفضهم اصطحاب النساء والاطفال، لكن السيدة زينب رفضت ترك حبيبها واخيها دون المشاركة في مسيرته المقدسة. هكذا هو العشق العلوي عشقاً احلهُ الله، لما فيه من الروح الاخوية التي قل نظيرها الا في مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) لنستلهم منها معنى الاخوة الحقة والصادقة. من هذا كله تصور كيف كان حالها بفراقه وهي التي كانت لا تفارقه تمسي وتصبح عليه كل يوم، وتصور ما موقفها وهي ترى جسدهُ المهشم بلا رأس على غبراء كربلاء، وكيف كان صبرها وهي تسير مع رأسه الشريف على الرمح الى الشام فتنظر لهُ وينظر لها لكن لا يحدثها ولا تحدثه.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha