المقالات

ذكرى استشهاد الحسين (ع)  - رسالة سلام  انسانية كبرى 


  د. حيدر البرزنجي||   في العام الفائت ،نقلت وسائل الإعلام صوراً لأناس يقطعون 2500 كلم في 72 يوماً - سيراً على الأقدام ، لزيارة الأمام الحسين عليه السلام . كان معظم السائرين من كبار السنّ ،ساروا من مدينة مشهد ، قاصدين كربلاء ، وكلما مرّوا بمدينة يزداد الموكب عدداً . المنظر بات مألوفاً وطبيعياً ، يتكرر بشكل سنوي ، لكنه يزداد فاعلية في فحواه ومعانيه الإنسانية الكبيرة التي تجدد في كل عام منذُ شهادته صلوات الله عليه ، في زمن ترتفع فيه رايات الكراهية وفتاوى التكفير وانبثاق العنصريات والتمزق المجتمعي وتشتت احوال الناس . في تاريخ الأمم ،مازالت مقولة ماوتسي تونغ (مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة ) تضرب مثلاً ، رغم انه قصد من ورائها جمع انصار ومؤيدين لاستلام السلطة ، فيما جمع غاندي في مسيرته الطويلة ،من يؤيده في التحرر من الاحتلال البريطاني.  كل من الزعيمين سار من أجل هدف سياسي ، وقاد جماهيراً شاركته ذلك الهدف ، لكن أياً منهم لم يقطع تلك المسافة التي قطعها زوار الحسين ، وهم يسيرون بهدف وحيد : زيارة إمام استشهد منذ أزمنة طويلة وجود فيه كل معاني الانسانية والاخلاقية. لايريد هؤلاء السائرون ، أي شيء من الدنيا ،سوى ذلك الصفاء الروحي وطمأنينة النفس ،والتخلّص من كل مايمكن ان يخدش الانسانية في الانسان من (احتلال ) الكراهيات ، وهو الاحتلال الأعظم والأكثر أذى للنفس البشرية . لايسأل أي من هؤلاء الآخرعن قوميته ، ولا ديانته ، ولا انتمائه السياسي وعقيدته ، انهم جميعاً يجتمعون تحت راية ، أصبحت ليس رمزاً دينياً أو عقيدياً وحسب ، بل راية سلام ومسيرة محبّة ودعوة للتآخي . إن كان الدين يعني المحبة والتآخي ،فالمشهد يجسد ذلك ،وإن كان يعني منح الطمأنينة والسلام الداخلي ، فلا يصعب رؤية ذلك ،إذ ليس هناك من قوة تجبر انساناً – مهما يكن عمره - أن يسير كل هذه المسافات . في تدريبات الجيوش ،أقصى مسيرة لوحدات المشاة ،لاتتجاوز 100 كلم ،ومع ذلك يسحل الجندي قدميه وهو يتذمر من صعوبة المسير،رغم انه لايحمل سوى سلاحه الفردي وزمزمية ماء . ظاهرة المسيرات هذه ،وبما يتخللها من سلام مجتمعي وفردي ،لابد أن تشكل حقلاً لدراسات مستفيضة ، سواء في علم النفس السلوكي ،أو العلوم الاجتماعية بكل فروعها ، ولا يكفي النظر اليها بمنطق التعاطف معها أو الوقوف ضدها ، فذلك لايعني الكثير ، في تفسير ظاهرة ، يتداخل فيها مما يدعو للتأمّل والتفكير بموضوعية ، وبمنهجية علمية . عظم الله اجركم واحسن الله عزاكم وجعلنا مع الحسين صلوات ربي وسلامه عليه
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك