الشيخ الدكتور باسم العابدي||
في خطابه الانتخابي الاخير استعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنجازاته في السنوات الأربعة التي تصدى فيها لقيادة امريكا وتحدث في هذا التجمع الانتخابي مثلما يتحدث رئيس عصابة كبير أو قاتل مخضرم أمام مجموعة من اللصوص الصغار الذين يصفقون كلما أتى على ذكر إحدى السرقات أو واحدة من جرائم القتل التي أنجزها فينتفخ ترامب تبجحا وتحمر وجنتاه افتخارا بالقتل بعد موجة التصفيق الباهتة.
ومما ذكره ترامب في عداد انجازاته استهداف القائد قاسم سليماني وقتله ليجعل من هذه الجريمة مادة لإقناع الأمريكيين بانتخابه لدورة ثانية ومرة أخرى صفق القتلة الصغار في تشجيع أمام السراق الذي أخذ يتمطى ويتلوى كالمراهقين المبتدئين.
تصفيق هؤلاء القتلة الصغار ذكرني بقول الإعلامي المصري الكبير المرحوم حمدي قنديل : (جاء الوقت الذي نترك فيه النفاق ونتوقف عن الهبل النهاردة أعلنها بكل وضوح أنا لااحب إدارة امريكا ولا احب شعب امريكا كلهم مجرمون)
ولحمدي قنديل الحق في كثير مما قاله سواء اتفقنا معه ام لم نتفق لان ترامب وغيره من القتلة الذين تعاقبوا على حكم الولايات المتحدة الأمريكية لم يهبطوا على البيت الابيض ببرشوت من كوكب زيوس بل جاؤوا بأصوات الأمريكيين واختياراتهم وارتكبوا جرائمهم من إبادة الهنود الحمر مرورا بإبادة اليابانيين في هيروشيما وناكازاكي وانتهاء بمحاصرة الشعب الايراني وغيره من الشعوب تم بإمضاء الناخبين الأمريكيين ومباركتهم .
ولكن ماذا كانت رسالة ترامب الانتخابية التي ذكر فيها الشهيد سليماني وحده دون رفيقه الشهيد ابي مهدي المهندس؟ يبدو لي أنها كانت تتجه باتجاهين:
الاول. للداخل الأمريكي ومايمثله اللوبي الصهيوني من ثقل انتخابي فيه فجاء استهداف الشهيد سليماني من اساسه لخدمة هذا الهدف الاستراتيجي وارضاء الطموحات الفردية لترامب وجذب اصوات الناخب اليهودي لما يحمله هؤلاء الصهاينة من كراهية للإسلام وللجمهورية الإسلامية وقاسم سليماني على وجه الخصوص
فاراد تحفيز ذاكرة الناخب اليهودي وتوجيهه انتخابيا فهو يعزف على وتر الكراهية للوصول إلى البيت الأبيض بأصوات الموت والجريمة. . .
الثاني. خطاب الخارج ويقصد به العراق خاصة بسبب طبيعة العلاقة الحالية بحكومة العراق في ظل وجود السيد الكاظمي المنفتح كثيرا على الامريكان وتعويلهم عليه في تفكيك مشروع المقاومة في العراق واذرعها من فصائل الحشد الشعبي وهذا ماجعل ترامب يمتنع عن ذكر الشهيد ابي مهدي المهندس والافتخار بقتله أسوة بالشهيد سليماني تجنبا لإحراج الكاظمي وبغرض محو مسؤولية امريكا عن استهداف المهندس من الذاكرة العراقية واللعب على اذكاء الفرقة بين العراق والجمهورية الإسلامية عن طريق التمييز والفصل بين شهدائهما بوصف أحدهما بالإرهابي دون الآخر.
وهذا يكشف عن حجم التضحية وخطرها من رجل مغرور مثل ترامب يعشق التبجح والانتفاخ ومع ذلك يتجنب ذكر رجل شجاع اخر لايقل تاثيرا عن الشهيد سليماني الأمر الذي يلح بشدة على البحث عن خلفيات هذا السكوت و تحليل أسبابه ودواعيه ومعرفة المعطيات الجديدة التي دفعت ترامب للوداعة والظرف واللطافة تجاه العراق وشهيد العراق إلا أن يكمن وراء هذه الشهامة الكاذبة مشروع امريكي اهم من البجاحة والافتخار يفضي إلى ابتلاع العراق ويقوم على دعم حكومة السيد الكاظمي وتعزيز موقعه وتمرير مشروعه بقوة الإعلام والدعاية وتأثير المال والسلطة.
لكن السؤال الأهم هو هل أن مقتل قاسم سليماني يساعد ترامب على اعادة انتخابه وبذلك يشترك الأمريكيون في الجريمة ويصدق عليهم ماقاله الإعلامي القدير حمدي قنديل ام سيكون دم سليماني سببا في هزيمة ترامب في الانتخابات المقبلة؟
الايام حبلى بالانتصارات و (ان ربك لبالمرصاد).
https://telegram.me/buratha