عمار محمد طيب العراقي||
واجهت البشرية عبر تاريخها الطويل، كوارث كثيرة جدا، ومصائب وفواجع كبرى، ربما لا يمكننا تخيلها الآن، لأنها خارج نطاق تصورنا، لكننا نصدق حدوثها، لأنها موثقة في القرآن الكريم وسائر الكتب السماوية، فضلا عن مدونات التاريخ: الطوفان، ريح صرصر عاتية، الصيحة، الغرق بالبحر، القُمَل والجراد، قلب عاليها سافلها، رجز من السماء..وغيرها مما لا يتسع لها المقال هنا.
غيرها؛ طواعين فتكت بشعوب بأكملها، ثورات براكين أحرقت قرى ومدنا؛ ومحيت من خارطة الوجود، طمر تحت ركامها الآلاف من البشر، حروبا قاسية قسوة إستثنائية، كأن مرتكبويا قد خرجوا من وصف البشر الى وصف الوحوش..
إلا أن ما جرى في عاشوراء 61 هجرية، كان جريمة من نمط خاص، أقتضى التدوين الإنساني، أن يخلدها ابدا في سجل المجرمين، لتبقى شاهدا أبديا ليس لنوع ضحاياها وعددهم فحسب، ولا لنوع مرتكبيها وهمجيتهم، ولكن لسبب كان غائبا عن أذهان كثيرين.
الحسين عليه السلام ورهطه قتلوا منذ 1380 سنة، وقاتليهم هلكوا واحدا أثر آخر، من بعدهم كل بظرفه، إلا معركة الطف مازالت مستمرة، وما زال أطرافها أحياء..!
المقتول في 61 هجرية أعيد إنتاجه إلهيا بسرعةً وأصبح أمة، والقاتل بدوره لم ينقرض كما توهمنا، بل صار شجرة تنتج مجرمين بالسليقة!.. فيعيدون أرتكاب جريمة ظهيرة العاشر من محرم قبل 1380 عاما، أي ما فعله أسلافهم سنة 61 للهجرة كل يوم، وبذات الدم البارد الذي أرتكبت به، وبنفس الأسلوب: الذبح نحرا في أغلب الأحيان!..
المقتول في 61 هجرية لم يتوقف منذ 1380 عاما، عن تلاوة القرآن حتى وهو يقتل كل مرة، والقاتل يقتله وهو يصيح "الله أكبر"، وهنا يكمن سر بقاء قضية الحسين جذوة متقدة..!
ولأنه لا يمكننا حل مشكلةٍ باستخدام العقلية التي أنشأتها، دعونا نتخيل أن الأحداث التي جرت عام 61 هجرية، لم تجر بالشكل الذي نعرفه، لنتخيل أن أبن بنت زعيم الدولة الأسلامية، قد قتل في معركة من معارك الفتوح: مع الروم البيزنطيين أو مع الفرس الساسانيين، وهما الإمبراطوريتان اللتان كانتا تتقاسمان العالم!
بل دعونا نتخيل: أن هذا الرجل قتل غيلة، وهو عائد من مسجد جده النبي، الى بيتهم القريب من المسجد بعد صلاة العشاء، بخنجر لا يحتاج الى كاتم للصوت، لأن الخناجر كانت هي كاتمة للصوت، ودعونا نعتقد أن مقتله كان فقط، لأزاحته عن "أحتمال" أن يكون وارثا، لزعامة الدولة من جده، الذي لم يخلف رجالا غيره وغير أخيه الأكبر، وهو الآخر أيضا جرى "التخلص" منه بالسم قبله، دعونا نتخيل كل هذا، فما الذي يحصل؟!..
سيسجل التاريخ :"حادثة" مقتله؛ كما سجلت آلاف "الحوادث"، في تاريخ أبن الأثير وغيره من التواريخ، وستكون "حادثة" من "حوادثه" ليس إلا، "حادثة" ليس لها صدى كالذي ما يزال يتردد الى يومنا هذا.
مقتل الحسين عليه السلام، يتكرر كل يوم؛ لأن أبناء قاتليه، يبنون كثير من الجدران وقليل من الجسور، وأنهم ما يزالون فخورين بما صنع آبائهم.!
اليوم تجري وعلى قدم وساق؛ محاولات يشترك فيها عدد هائل من المستفيدين، لقتل الإرث الذي خلفه قتيل كربلاء عام 61 للهجرة، شركاء الجريمة الجدد هم الإمتداد الطبيعي، لشركاء جرائم 1380عام مضت، هم أبناء الرفيقات أمهات التقارير، ومخلفات حيامن المصريين لثمانينيات القرن الماضي، وجوكرية السفارة، والتشرينيين والدعبوليين والشيوعيين، والمأجورين والاذلاء، ولاعقي قصاع الكرابلة والنجيفيين، وأتباع شياطين الوهابية التكفيريين، وشيعة السبهان..لكن يبقى غمان الشيعة أخطرهم على الإطلاق، لأنهم أغبياء لا يعلمون أنهم شركاء في جريمة قتل أنفسهم..!
الجريمة هذه المرة تأخذ بعدا جديدا ولكنه خطر جدا؛ لأنه ولأول مرة منذ 1380 عام، تنفس أتباع الحسين عليه السلام، في أرض الحسين هواء الحرية، فعمد شركاء الجريمة الجدد الى تسميم هذا الهواء، بالدخان المنبعث من محاولات حرق عقيدة التشيع!
واهمون جدا هؤلاء، فالولاء لا يحترق قطعا، وهو كقدر الطعام، كلما قويت النيران تحته، نضج الطعام جيدا!
"تمزقت رايته..ولم تنكس؛ وتقطعت أشلاءه..ولم يركع، وذبحوا أولاده وإخوانه وأصحابه..ولم يهن، إنها عزة الإيمان في أعظم تجلياتها..نحن على طريقه وهيهات منا الذلة"..!
شكرا
26/8/2020
https://telegram.me/buratha