زيد نجم الدين ||
الدوله كما عَرفتها موسوعة لاروس الفرنسيه بأنها "مجموعة من الأفراد الذين يعيشون على أرض محددة ويخضعون لسلطة معينة"، أي أن الدول تؤلف من مجاميع متنوعه عرقياً و ربما دينياً و ينصهرون بإختلافهم في بودقة الوطن و الميثاق على ذلك بينهم هو الدستور الذي يمثل شريعة الدولة.
أما المقاومه فهي مفهوم وطني، له عِدة صور لكن أكثرها شيوعاً هي تلك الصورة المتمثلة بحمل السلاح للدفاع عن الوطن ضد أي معتدي أو غاصب للحقوق ، أي أن الملهم الرئيسي للمقاومين هو الوطن الذي تعاهد على حفظه أبناءهُ و غُرس حبهُ في نفوسهم جيلاً بعد جيل حتى أصبح رمزاً و نبراساً لهم ، و تحت هذا العنوان يُرخص المواطنون مهجهم دفاعاً عنه ، و انطلاقاً من هذا المبدأ، إنبثقت حركات المقاومه الشعبيه في مناسبات و اماكن مختلفه كحركات المقاومة في اوربا ضد الاطماع التوسعيه للنازيين و كذلك في اوراسيا ضد هيمنة الاتحاد السوفيتي في حينهِ.
اذاً المقاومه ممارسه وطنيه و حق يتمتع به كل ابناء الوطن دون استثناء او تخصيص ، فهي ليست مفهوما ديني او حزبي او فئوي خاضع لايديالوجيا معينه ، و يمكنني القول ان المقاومه هي جهاد في سبيل الوطن و ليس بالضروره في سبيل الله ، اذ ان الدين متغير على مستوى الوطن و الأخير هو الثابت في نفوس المواطنين ، و بالمقابل إن كل متدين هو بالنهايه مواطن و من حق اي مواطن ان يلتحق بأي عمل يرى فيهِ خدمه لوطنهِ و المقاومه الوطنيه قد تكون واحدة من تلك المصاديق ، و بما ان مفهوم المقاومه هو وطني وليس ديني كما اسلفنا ، اذاً الافتاء الفقهي لا محل له في دائرة المقاومه الوطنيه الا اذا كان يصب باتجاه تعزيز الاراده الوطنيه و ما يبدر عنها من فعاليات و قرارات.
بعباره اخرى ، ان القول الفصل في تحديد الاجراء المناسب الذي يحدد مصلحة الوطن متروك للشعب و ليس لمراكز الافتاء و المرجعيات المتمثله بشخص المفتي ، و لان القرار الوطني- الشعبي هو نتيجه تترشح عن سلسله من حلقات النقاش و محافل تلاقح الرأي في الانديه و الفعاليات الاجتماعيه الاخرى ، فلا يمكن اختزال تلك السلسله الطويله من صناعة الرأي بقرار فردي يعود لتقييم شخصي صادر عن شخصيه ذات ايديالوجيا معينه.
نتيجه لما اوردنا اعلاه ،لا بد ان تكون الفتوى ملبيه لنداء الوطن و رغبة المواطنين في الدفاعِ عنه اي انها تنسجم مع الاراده الوطنيه التي تسبق صدور الفتوى بالعاده ، و بخلاف ذلك لا قيمه وطنيه للفتوى الجهاديه اذا كانت لا تنسجم مع النفس الوطني ، بل انها لن تتعدى ان تشكل تيارا او حركةً وطنيه مالم يحصل الانسجام بين الفتوى الدينيه و الارادة الوطنيه.
و في الختام او الاشاره الى حركات مقاومه وطنيه جديره بالذكر و منها حركة المقاومة الفرنسيه المنبثقه عام ١٩٤٤ إثر الاحتلال الالماني لفرنسا ، اذ ان هذه المقاومه اشتملت على تنوع واسع من الوان الشعب الفرنسي حيث ضمت المسيح و اليهود و الليبراليين و الشيوعيين ثم التحق بهذا الحس الوطني المؤسسات الدينيه المتمثله بالكنائسيين الرومان و الكاثولك و بذلك رسم الشعب الفرنسي لوحه وطنيه لمقاومه اتسعت لتشمل كل ابناء الوطن.