د.حيدر البرزنجي||
البيئة وتأثيرها في السلوكيات .
- لكل شعب ضرورات ، ولكل ضرورة أحكام .
- لكل بيئة وسائل ، وكل وسائل تنتج مسلكيات .
في العراق ،هناك أربعة (وسائل ) أفرزتها الحياة وانعكست مسلكيات ،ارتبط كل منها بالبيئة ووسائل العيش ،يمكن اختصارها بما يلي :
السهول : حقول وجلول
المرتفعات : جبال وبغال
الأهوار : جاموس وناموس (*)
الصحارى : رمال وجِمال
للأول الكرم – وللثاني العناد – والثالث الطيبة – وللرابع القسوة .
فوفرة ماتمنحه السهول من خيرات سواء محاصيل حقول أو ثمار بساتين ،تجعل الكرم صفة غالبة ،اما في الجبال حيث وعورة الطرق وصعوبة التنقل ، فتكون البغال وسائلها الرئيسة ، ولامجال أمام الجبلي سوى العناد ،إن كان في مقاومة الطبيعة ، أو الاصرارعلى التنقل رغم الصعاب .
الأهوار باخضرارها الدائم ومياهها العذبة ، وجاموسها البرمائي ،رغم ضخامة جسمه ،الا انه يستطيع السباحة ساعات طويلة دون تعب ، ولأن الماء يهديء من فورة الغضب ويمنح الجسم راحة ،لذا تنشأ معها الطيبة والميل للسلام – عموماً – لكن لاتتم الحياة الهائنة ، فقد كثر الناموس (البعوض) في تلك الانحاء ليسلب سكانها راحة البال بمنغضات الناموس والحرمس والبعوّض ،وهذه التسميات تتعلق بأحجام تلك الحشرات واشكالها ومواسم تكاثرها ،المرافقة للصيف وحراراته اللاهبة.
أما الصحاري ،فلاشيء سوى الرمال القاحلة وغضب الطبيعة ، بسمومها وغبارها وعطشها الدائم لمصادر المياه والكلأ ، لذا ينشأ مايجعل ساكنيها دائمي الغضب ظاهري القسوة .
ذلك مايمكن استنتاجه كانطباعات عامّة ، لتأثير البيئة ووسائل مواجهتها ، في سلوكيات الإنسان ومحاولات تفسيرها .
(*) – الناموس هو تعريف لما هو مرتبط بالقيم والشرائع والشرف ، ولأن تلك المفاهيم ،تشوهت عبر الأزمنة واستخدمت لخدمة الطغاة والكهنة والمبطرين ، لذا أطلقت على نوع من البعوض (الناموس) في اشارة الى تحول المفاهيم والقوانين بيد الطغاة الى طنين مزعج للفقراء ، والناموسية (الكلّة ) هي تلك القماشة الملوّنة على شكل خيمة ،تحمي من لسعات البعوض ، وهو مافعله الأهواريون ، حين جعلوا من أجسادهم (ناموسية) لحماية العراق من لسعات البعوض الداعشي .