المقالات

حكام على مقاس الحذاء ألأمريكي..!  


عمار محمد طيب العراقي||

 

في معظم الأحوال وعقب حصول الهزات الكبرى في الدول، مثل الثورات الشعبية والأنقلابات الدموية، والصراعات العرقية والطائفية، وخروج الأجنبي المحتل، أو تصدر تيار سياسي ما على غير توقع؛ المشهد السياسي لذلك البلد، تحصل إنعطافات كبرى في حياة شعوب الدول، وهي تشبه الى حد بعيد الولادات العسيرة التي يخرج منها الجنين منهكا؛ ويحتاج الى حاضنة اصطناعية، والى عناية فائقة مركزة، لأنه جنين خديج...

في حالتنا، وجدنا أنفسنا في متاهة الإنهاك المبرمج؛ الذي أوقعنا فيه صدام، بسلسة حروبه الطواحينية، والتي كان أكثرها أثرا؛ ما فعله في (يوم النداء الأغر)، حينما وجد أنه قادر ببنادق صدئة ودبابات عتيقة، على إبتلاع الكويت وتحويلها الى المحافظة التاسعة عشر، وأن يمنحها إقطاعية الى أبن عمه علي كيمياوي محافظا عليها، هكذا وبكل سهولة يحتلها ويضمها الى العراق؛ الخارج للتو من حرب طويلة مع إيران، خاضها نيابة عن "أشقاءه"؛ الذين حولوه الى عربة رغبة دفعوها على منحدر، إستمر هبوطه منه ثماني سنوات كانت عجلاتها تطحن العراقيين طحنا..

صدام لم يكن يعرف أنه كان يتحرك بالمساحة الخطأ، وأقدامه جرت جرا الى نهايته؛ منذ  يوم نداءه في 2 آب 1990..ومن يومها وضع العراق في الحاضنة الاصطناعية..الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة..وعومل على أنه بلد غير قادر على أدارة شؤونه بنفسه، حتى غذاء شعبه ودواءه أخضع للأشراف الدولي المباشر..

بواسطة الفصل السابع تشكل في الأمم المتحدة جهاز كبير من الموظفين الدوليين، مهمتهم السيطرة على أفعالنا الغير متوقعة، والقيام بمهمة تربيتنا وتهذيبنا لأننا صبية وقحين مشاكسين..!.وكانت أجور ونفقات تشغيل هذا الجهاز الأممي الكبير تستقطع من أموالنا التي حرمنا من إمكانية التصرف بها..! إذ لم يعد بأمكاننا إنفاق دولار واحد دون موافقة هؤلاء الأمميين..!

لقد وجد هؤلاء العراق مرعى خصب ترعى فيه جيادهم مجانا، ولذلك كان بقائنا تحت طائلة الفصل السابع يمدد يوما تلو يوم وسنة بعد سنة، لأن لصوص الأمم المتحدة لم يجدوا مكانا آخر يرعون فيه جيادهم...

اليوم وصلنا الى حال فيه، كثرة لوجهات النظر بكثرة الهم، وتزاحم نقاط الخلاف بين أطراف اللعبة السياسية، تظهر تعقيداتها جلياً بين السياسيين؛ في اختلاف وجهات نظرهم.. تزاحم الخلافات وتحولها الى إختلافات، يحصل لأن الذي يحدث هنا تحركه إرادة خارجية، تخطط في خفاء ودهاء لمستقبل جديد للمنطقة، رسمت صورته أمريكا مثلما أرادت بعيدا عن إرادة الشعوب.

لقد أهتزت عروش وتكسرت قوائم كراسي حكام، وصعد الى الحكم حكام كانوا صناعة أمريكية مائة بالمائة..وتلك هي اللعبة الأمريكية، أن تصنع حكاما جدد على مقاس الحذاء الأمريكي، متصالحين متسالمين مع أمريكا ومع الصهيونية، ولكنهم أعداء لأعداء أمريكا...!

وفقا للمعطيات الراهنة، فإن المرحلة المقبلة سيكون طابعها عدم الاستقرار، وقد تشهد حراكاً سياسياً حزبياً جديدا غير الذي إعتدناه، مسنوداً بضغوط خارجية مدعومة من دول غربية وأوروبية، ومنظمات المجتمع الدولي تحت غطاءات كثيرة، وهو شئ يستدعي الانتباه والحذر الشديدين، لأننا لا يجب أن نسمح بهدم ما تحقق عبر سنوات التحول الديمقراطيـ الذي بناه شعبنا بقيادة المرجعية وأدةلتها الفاعلة، إذ أن فيه كثير  يمكن الاستفادة منه، ولذلك فإن القوى المتصارعة سياسيا؛ مطالبة بالتنازل في هذه المرحلة عن كثير من عتوها، كما أن القوى ـ المناكفة ولا نقول المعارضة،  مطلوب منها هي الأخرى أن تبتعد عن لعبة خلط الأوراق السياسية، لأن ذلك لن يكسبها إلا سخط الشعب.

إن لم يكن هناك اتفاق ورغبة من الجميع باتجاه التغيير الإيجابي في المرحلة القادمة، فإننا نخشى على الوطن أن تزعزع بنيانه المتهالك؛ رياح خارجية عاتية، وحينها لن يجد هؤلاء وطنا يحكمونه...!

فما أشبه الليلة بالبارحة..!

شكرا

19/8/2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك