د.علي الطويل||
عندما نتحدث عن الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي بارعاية امريكية فانه من المفيد ان نرجع قليلا الى الوراء لكي نستكشف اوليات هذا الاتفاق ، فبعد اتفاقية كامب ديفد بين مصر واسرائيل قامت الدول العربية وكردة فعل على هذا الاتفاق بقطع العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء من القاهرة ، وتحويل مكان الجامعة العربية من مصر الى تونس ، بعد قمة عربية عاجلة عقدت لاجل هذا الموضوع ، وقد قوبلت القرارات الصادره عن القمة العربية باستهزاء مصري واضح ومعلن ، وكان ذلك لوثوق مصر بان هذه القرارات ماهي الا هراء ، وبيع كلام يناغم الحكام العرب به الجماهير الغاضبة التي اغاضها التصرف المصري في حينها ، وبالفعل فما ان مر قليل من الوقت حتى سارعت البلدان العربية في الهرولة للقاهرة لاجل اعادة العلاقات معها مجددا ، وكان على راس هذه البلدان العربية دول الخليج ، التي لم تتردد لحظه واحدة في التعبير عن عزمها لاعادة العلاقات مع الكيان الغاصب بعد ذلك ايضا ، وخاصة في السنوات الاخيرة ، وياتي الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي بعد سلسله طويله من الاجراءات والزيارات والحملات الاعلامية التي استمرت طوال السنوات الماضية ، فبالواقع لم تكن هناك قطيعة بمعنى القطيعة بين الكثير من دول الخليج واسرائيل ،فالوفود تترى والمهرجانات الثقافية قائمة ، والزيارات شبه الرسمية متوالية خاصة بين الامارات واسرائيل ومنذ اكثر من ثلاث سنوات .
اذن ماهي طبيعة هذا الاتفاق ، وماهي دوافعه؟
1. لعل ابرز اهداف هذا الاتفاق هو محاصرة الجمهورية الاسلامية عبر تواجد اسرائيل العدو الاساسي لها على بعد كيلومترات عن حدودها ومياهها الاقليمية ، وخاصة بعد الاقتدار الكبير الذي اظهرته ايران ، وماتشكله من تهديد كبير للكيان الاسرائيلي .
2.محاولة انهاء القضية الفلسطينية عبر سلسلة من الاتفاقات مع دول عربية اخرى في طريقها للهرولة خلف الامارات للتطبيع مع الكيان اللقيط .
3.اعطاء اسرائيل الشرعية القانونية وتسويقه جماهيربا عربيا بان وجوده حالة قانونية يجب التعامل معها بالامر الواقع ، والسعي بعد ذلك لسلب المقاومة حقها في الدفاع عن الشعب الفلسطين والقتال لاعادة الارض المغصوبة لاهلها .
4.لم يك هذا الاتفاق الاستراتيجي وليد اللحظه وانما سبقة تفتيت دول الممانعة واضعافها ، كسوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن ، وكان للامارات الدور الكبير في تدمير هذه الدول اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا بحيث لاتقوم لها قائمة ولاتتمكن من مواجهة اسرائيل لسنوات عديدة .
ومن هنا نستنتج ان ماقامت به الامارات مؤخرا بتطبيع علاقاتها مع الكيان الاسرائلي ماهو الا اقامة محور لحماية اسرائيل وابعاد الخطر عنها ، ومحاصرة الدول التي لازالت رافضة للقبول بهذا الكيان في وسط الامة الاسلامية ، ولكن محور المقاومة وشعوب المنطقة سوف لن تساوم على مبادئها ، بل سيزداد الرفض والممانعة بشكل اكبر ، بعد ان اصبحت اذرع المقاومة على حدود هذا الكيان وفي داخله ، وتمكنت من فرض وجودها وقوتها على الواقع رغم المؤمرات والدسائس الاماراتية والسعودية ، كما ان محور المقاومة اصبح الامل الشرعي للمسلمين والعرب والفلسطينين خاصة ، في القضاء على دويلة اسرائيل وستخيب كل المساعي المطبعة والمهادنة وما النصر الا صبر ساعة .
14/8/2020