عمار محمد طيب العراقي||
قبل أن يولد التحالف، أي تحالف، لابد من أن يكون قبله تخالف..! وإلا لما وجدت ضرورة لتشكيل تحالف بين متفقين تماما..!
الذي أعنيه أن التحالف يبنى على أساس وجود حد من الإتفاق بين مكوناته، ومقدار هذا الحد هو أن بين أطرافه قدر متوازن من نقاط الإختلاف والإتفاق، ويسمح قدر نقاط التخالف بقيام تحالف تمنع فيه نقاط التخالف من ذوبان أطراف التحالف بعضها ببعض، وتمنع نقاط الإتفاق تدمير التحالف بواسطة تحرك نقاط التخالف..!
التحالف أطراف وليس مكونات، فالأطراف تبقى محتفظة بالكثير من خصوصياتها، فيما المكونات قابلة للذوبان بعضها في بعض كمكونات قدر الهريسة..!.
ومثلما ترون فإن ثمة نقطة حرجة، في عملية التوازن التي تبقي التحالف قائما حيا فاعلا..في هذه النقطة لا يستطيع أي طرف من الأطراف المغامرة والخروج من التحالف، لأنه سيجد نفسه بلا غطاء ثقيل يمنع عنه غائلات الإنفراد...وعند هذه النقطة الحرجة أيضا، لا يسمح بنمو أدوات التهميش والتفرد بالقرار داخل التحالف..وبمجرد شعور طرف بأن هناك تهميشا يمارس بحقه من قبل أطراف أخرى، تبدأ سوسة الهدم بالسريان المتسارع في أوصاله، إذ سرعان ما يسري مثل هذا الشعور في ذوات بقية الأطراف..! وتتفاقم مثل هذه المشاعر، عندما تعقد اجتماعات ولقاءات بينية دون أن تخبر بقية أطراف التحالف!
وإستنادا الى تلك النقطة الحرجة، فإن التحالف أشبه ما يكون بمزرعة بصل، لأن القرارات فيه تتخذ بصعوبة بالغة، وعمليا لا يوجد رأس يستطيع بمفرده صناعة قرار، أو مصادرة لقرارات التحالف، فكل أعضاءه يتصرفون وكأنهم رؤوس مؤسسة متكاملة في طريقة إصدار القرار..!
في التحالف لا يوجد كبار أو صغار، فالصغار يكبرون بمجرد دخولهم في التحالف، والكبار لا يتقزمون إن شاركوا صغارا وتحالفوا معهم..!
التحالف يحيا أيضا بنمو أهدافه، لا على بقائها عند حدود أسباب إنشاءه، وإلا فإنه تحالف مرحلي، ينتهي وجوده بتحقيق تلك أهداف نشأته الأولى..وتنمو الأهداف بنمو متوازن أيضا لتطلعات أطرافه، رغم اختلاف وجهات النظر..لأن ثمة ضابطة قوية تربط الأطراف وتضبط تطلعاتها أيضا..!
في التحالف يتم الحديث بصراحة مفرطة، ويتعين على أطرافه إجادة فن الإصغاء لبعضها البعض، ولو على طريقة أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تجلس الوفود تستمع الى كلمات رؤوساء الوفود الأخرى وهي نائمة..! لكن في نهاية الجلسات تخرج مقررات قد طبخها متخصصون خلف الكواليس في المطبخ السري..!
قبل هذا وذاك، نحن أناس شرقيون، لا نستطيع المضي في مسيرتنا قدما، دون أن يكون لنا رمز نلتف حوله..الرمزية حاجة في نفوسنا، وجزء اصيل من ثقافتنا، وإلا لما كانت هنالك حاجة لأن يبعث الله جل في علاه لنا مائة وعسرين الف نبي، فيما لم يبعث للأمم الأخرى إلا عدد قليل جدا من الأنبياء..
البيت الشيعي بحاجة لأن يلتف حول رمز، ولا أظن الشيعة بمعجزين أن يجدوا من بين صفوفهم رمز..معركتنا مع الدواعش الأشرار أفرزت رموزا مجاهدة قادنا في تلك المعركة، فلنلتف حول أقدرهم وأعرقهم جهادا..ثم نمضي الى امام بلا تردد..قبا بيت بلا أب..
ولأن الشيعة يمثلون عددا وتاريخا ودورا، جمجمة العراق، لذلك فإنه إذا صلح حال البيت الشيعي، صلح حال العراق..
قرأت لفولتير: بالنسبة لمعظم الرجال، تصحيح العيوب يعني استبدالها بغيرها..!
شكراً
2020/8/12