زيد نجم الدين||
تَعَرفَ الجد على مفهوم الدولة في ظِل نموذج دولة غير شرعية لا تمثل الهوية و المزاج الوطني في آنها ، أما الأب فتعرض لتشويه مركب في فِهمِ مَفهوم الدولة نتيجة لما ورثه عن والده وما عاصره من نموذج إنقلابي دموي ، أما ألإبن فَوَرِث عن والده التشويه الفكري و القيمي الموروث عن الجد و المنسجم مع نظام الحكم المنحرف الإقصائي و المعزز بِشحة المتمردين على الواقع المرير ، لكن ألتحول الخطير يكمن في تحول سلسلة الانحرافات ألفكريه و القيمية الموروثه عن الاباء الى تراث قومي و وطني يلاصق تأريخ الفرد المعاصر.
ثم جاءت الديمقراطيه فصدم الابن بمفهومٍ جديد يقبله العقل و يرفضه الوجدان لأنه ينسف قيم الموروث ، فصار بين امرين إما أن يَكفر بالأرث المشوه أو يَكفر بالديمقراطية أو يُكَوِن حالة هجينه متناقضه تحاول إيصال ألأقصى بالأقصى ، لكنها تبقى حالة هجينة مضطربه غير مستقره و تميل للأستقرار بوجود التأثير المستمر لعامل الفطرة و السجية الإنسانية المحفز على المراجعة و التقييم المستمر للناتج القيمي و الفكري للإنسان.
الديمقراطية في العراق صريحة الى حد القساوة إذ أنها لا تراعي مقدس أو رمز ، الكل فيها معرض للتمجيد و الذم ، مهما تسامت قدسيته او تسافلت دونيته في نفوس الملأ و مهما إتسمت سيرته بالجدلية و اختلفت فيه ألأراء ، فضحية المُقَدَس لا تزحزح قدسيته في سريرة المُقَدِس ، وهذا ليس مصداقاً من مصاديق السلوك العنصري بل هو حالة من التشوه القيمي المقرون بطغيان العقيده الذي يعيشة الفرد المأزوم.
و يستمر هذا الصراع بين سجية الإنسان و فطرته السليمه و بين التشوه القيمي و ما ينتج عنه، في هذا الصراع المقام على حلبة النقد ألذاتي للإنسان تنتظر الديمقراطية بحماس نهاية هذا الصراع الطويل و الذي بالعاده يكون النصر فيه محتوم لصالح سجية الإنسان و فطرته السليمه التواقه للحرية و التكامل.
إنتصار الفطرة السليمه للإنسان في نهاية المطاف تدفع المرء الى إجراء مراجعه شاملة او تقييم جديد للمتبنيات و المواقف السابقة و اعادة النظر فيها وفق المنظور الجديد، هذا التمرد على المألوف يوفر بيئة فكرية خصبة لنمو الديمقراطيه و التي بدورها تلبي رغبة الانسان في تطلعاته الفطرية اتجاه الحرية و النقد و التفكير و سائر النشاطات الانسانية الاخرى وهذا التحول بمقتضى الحال يحتم إجتثاث رموز التشوه القيمي في تراث الانسان مضافاً الى ان هذا الاجتثاث سيحدث بشكل تلقائي إذ أن البيئة الفكرية الجديده لم تعد ملائمة لمعالم حقبة التشوه الفكري و القيمي الموروثه ، وهكذا تنتصر الديمقراطية على الموروث المشوه.