المقالات

متى ندنو من الآخر؟!  

1367 2020-08-11

عباس العطار||

 

تتحكم الجغرافية في بناء أفكارنا وتُسهمُ بشكل رئيس في تشكيل الصورة السلبية للمختلف في أذهاننا، قد نعزوا ذلك لأسباب ضمن سلسلة تبريراتنا الجامدة المتوقفة عند عتبة زمنية قديمة ما عاد لها لون ولا طعم ولا رائحة.

قد نتفق بأن العزلة التي كانت منهج قسري فُرضَ من قبل الحكومات السابقة من العوامل الاكثر تأثيرا في بناء تركيبات مجتمعية متعددة، تحصنت بين الأجهزة الحكومية القمعية والعسكرية ووجدت اخرى نفسها في المنظومة العشائرية، وفضلت أخرى العيش خارج هذه الأطر فتعرضت للكثير من المظالم.

إذ تنمو هكذا تكوينات مجتمعية لسنوات طوال وفي ظل حكومات مستبدة، من الصعب أن تلتقي ثانية في هوية وطنية جامعة بعد معاناة طويلة من التهميش.

بعد عام 2003 تحللت تركيبة ما يسمى بالدولة العراقية، وتفككت معها الكثير من هذه المنظومات تحت يافطة المشروع الديمقراطي الامريكي المُحمل بمفاهيم عائمة للحريات العامة وحقوق الإنسان ونبذ التطرف والعنف والوحدة الوطنية، وخزعبلات كثيرة اتفهها هو الشكل الهجين والمشوه للعملية الإنتخابية سواء على مستوى التشكيل المحاصصاتي لمفوضية الإنتخابات او الآليات الحزبية المتحكمة بالنتائج.

قراءة الأمريكان للمشهد كان ينقصها بعض التوصيفات الدقيقة، فقد غابت عن حساباتهم تأثير بعض القوى المجتمعية على ارض الواقع .. وحين تلمسوا ذلك اعتمدوا الخطة (باء) التي تدفع بإتجاه إعادة التركيبة المفككة للواجهة عن طريق طائفية وقومية العملية السياسية، والبدء بعمليات زرع الفتنة بين الطوائف والأديان والقوميات.. لذا راهنت امريكا على بسط سيطرتها وتنفيذ مشروعها الكبير وفقا لمنهجية (فرق تسد) التي أسستها السياسة البريطانية سابقا.

عود على بدء إلى مخرجات البناء العقائدي التي ولدت تبعا لتك الجغرافيات فإن الشكل العام للهوية العراقية متشظي وضائع بين هذه المساحات الجغرافية ومنهجية السياسة التي أنتجت إنسانا متطرفا ذات اليمين وذات الشمال.

إذا ووفقا لهذه المخرجات المتشابكة يبدو الأمر ليس باليسير لكنه ليس بالعسير ايضا، فمقومات قيام نهضة مجتمعية تعيد الهوية العراقية بمشروع له ملاحم خارج التوصيف السياسي المعمول به حاليا .. وآليات تختلف تماما عن العرف السياسي السائد .. تحتاج إلى ارادة ودراية معا.. ولا تتحقق  الارادة إلا بتوافق النخبة افقيا مع القنوات الشعبية المستقلة، والدراية هي دراسة مستفيضة للوضع الداخلي والمحيط العربي والاقليمي والدولي.

فهل يمكن ولادة مشروع بهذه الملامح؟

وهل يمكن أن يكون النموذج الصحي الذي يتمكن من انتاج للهوية الوطنية الموزعة بين الجغرافيات؟

كتب المقال العام الماضي في ١٠-٨-٢٠١٩

 

A.G.alattar

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك