المقالات

العراق: نحو دولة صهيونية بثياب مسلمة؟!  


عمار محمد طيب العراقي||

 

ثمة معنيين مختلفين لمفردة الدولة في اللغتين العربية والأنكليزية، وتبنى على إختلاف المعنى إختلافات كبرى في مفاهيمية هذا المصطلح السياسي..

في اللغة العربية تعني الدولة: دال - يدول ، دولة ودولا: دُولَةُ، والدَّوْلَةُ: الاستيلاءُ والغَلَبَة. والدَّوْلَةُ الشيءُ المُتداوَلُ. ودال الدهر: انقلب من حال إلى حال. ودالت له الدولة: صارت له. ودال الثوب: بلي. ودال بطنه: استرخى. ودال في مشيه: أسرع..!.: والدَّوْلَةُ الحَوْصَلَةُ.! والدَّوْلَةُ القانِصَةُ. والدَّوْلَةُ الشِّقشِقَةُ. والدَّوْلَةُ من البطن : جانِبُهُ. والدَّوْلَةُ السُّرّة . والجمع: دُوَل.!!

ونمضي أبعد قليلا في معنى الدولة في لغتنا العربية كي نصل الى زُبدة!..فالدَّوْلَةُ في الحرب بين الفِئَتَين: أَن تهزم هذه مرّة وهذه مرّة. وسُمِّيت دولة لأنها تدول.. وتزول وتنتقل من جماعة إلى جماعة.. ومن حاكم إلى حاكم.. دولة: ما يتداول فيكون مرة لهذا ومرة لذاك وبلاد، ودُولَ : جمع دَوْلات ودُوَل، ودُولَة:" كانت لنا عليهم الدُّولة ". دُولَة : شيءٌ متبادل من مال ونحوه "{ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ }".

الدولة في اللغة الأنكليزية التي ينطق بها "لملوم" أمريكا، هى وعلى قدر معرفتي باللغة الأنكليزية، فإن هذه المفردة توحي بشيء من الثبات، إلا أنه ـ مثلما لدينا ثبات مؤقت ـ  بينما مفردة (STATIC ) في الانجليزية ، والتي لها صلة إشتقاقية بكلمة (State) ، تعني ثابت بمعنى غير متحرك،  وليست بمعنى مستقر الذي توحيه كلمة Stabl...

على أية حال نستنتج من المعنيين المختلفين، أن الدولة عندنا إستيلاء وغلبة، و"هيونطة"  تنقلب من حال الى حال، وتدول وتبلى كالثوب البالي، والذين يشغلون مراكز فيها، حواصلهم قانصة تقتنص الأموال والفرص، يتداولونها في ليلة وضحاها على قاعدة: هذا لي وهذا لي..!!

فيما غيرنا يبنون دولة ثابتة البنيان راسخة القواعد، وهي جهاز سياسي يخدم أمة، يقوم بتنفيذ دقيق مخلص لمجموعة الاحكام المنبثقة عن عقيدة امة (الدستور)، وحدودها الأمة ومصالحها..

الأستراتيجية الغربية الجديدة ضربت عصفورين بحجر واحد، بل ربما عدة عصافير بنفس الحجر...فقد أخترعت لنا " ثورات " أسموها الربيع العربي، وصاحبها كثير من الدمار الذي ستصلحه شركاتهم، وتخلصت أمريكا والغرب من عبيء عملائهم الذين تجذروا في الحكم وباتوا عبئا على من يشغلهم أو يستعملهم لتنفيذ أجندته، بل ووصلوا الى مرحلة رفض تنفيذ نصائح واشنطن باجراء بعض الاصلاحات الوهمية كذر للرماد في العيون..

إن ما يجري في أقدم بقاع العالم مدنية وحضارة، وأعني بها منطقتنا العربية، من فوران للتنور ليس ثورات شعبية كما "يتمنى" الأحرار، بل يعني إنقلاب الغرب على إستراتيجيته القديمة، التي بدأها منذ أيام سايكس- بيكو، التي أنشأت "دولنا" المتهرئة.. حيث وجدنا أنفسنا نقبل بها مرغمين، وتتضح مصداقية هذه الحقيقة عندما نجد أن بيرنارد لويس الصهيو- أمريكي، وبيرنارد ليفي الصهيو- فرنسي وقادة المحافظين الجدد في أمريكا، هم حملة مشاعل حريتنا الجديدة!..

إن الهدف من هذه الإستراتيجية الجديدة، هو إيجاد "دول" تقوم على نفس الأساس الذي قام عليه الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، فإسرائيل دولة تلمودية قائمة على أساس ديني، ووفقا للستراتيجية الجديدة، ولكي تبقى إسرائيل أبدا، لابد من أن يكون محيطها الأقليمي متناغم معها في الكينونة والصيرورة، بمعنى أن تقوم أنظمة جديدة على أنقاض الأنظمة الحالية، وأن يكون عنوان هذه الأنظمة ومشروعها ديني أيضا كما هو نظام الدولة العبرية، لكنه دين من النوع الذي يقبل تعايشا أبديا مع الأسس التي قامت عليها أسرائيل، ولا يتناقض معها ابدا...

الأستراتيجية الغربية الجديدة أولدت أستراتيجية عربية جديدة أيضا، فقد غيرت "الأمة العربية" أعدائها، وأصبحت ايران هي العدو الرئيسي، فيما تحولت اسرائيل الى صديق استراتيجي يتحالف معه ويتم التنسيق معه لصالحه طبعا!!

الفائدة الوحيدة التي جنيناها من ما يجري على الأرض وفقا للإستراتيجية الغربية الجديدة، هي أن حلفائها هم أدعياء عدائها التقليديين، وبنتيجة هذا التحالف نزع التكفيريين الوهابيين ثيابهم وبدت عوراتهم بلا ستر..الغريب في الأمر أنهم لم يخجلوا من أن عوراتهم مكشوفة، بل يجدون ذلك أمرا طبيعيا..وهذا ربما ما ورثوه من عمرو بن العاص..!

ليس هناك من مسافة تذكر بين الماضي والحاضر والمستقبل، فقط بينهما زمن قليل جدا لكننا نعيشه..!

شكرا

9/8/2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك