المقالات

الإعلام الحكومي خواء وعمى ألوان!  


عمار محمد طيب العراقي ||

 

الإعلام سلاح اجتماعي سياسي خطير، ربما هو أقوى الأسلحة في صراعات الإرادات والقوى في عصرنا هذا، وسيكون أكثر خطورة في قابل الوقت، فهو أما محرك للرأي العام، أو مخدر له.

وتكمن خطورته في أن وسائله لم تعد ساذجة، كما هي عليه قبل قرن من الزمان مثلا، كما أنها لم تعد محدودة كما قبل سنوات عشر من الآن..

اليوم ينفتح الفضاء الإعلامي في كل لحظة على تطورات مذهلة، تبعا للتطور التقني الهائل في وسائل الاتصالات، ما عزز قدراته في خلق القناعات والأفكار، وتشكيل وصياغة الرأي العام، حيث امتد تأثير وسائل الإعلام، ليطال مختلف جوانب الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

إننا إذن في ثورة من نوع خاص، أدواتها الخبر والتعليق والصورة، من المعلومات التي تصلنا عبر عشرات الوسائل الحديثة، ولم يعد الإعلام فقط ما تقوله الحكومة، بل أن تأثير الإعلام الحكومي خفت الى حد كبير، ولم يعد له ذلك التأثير الحيوي، على الرأي العام الداخلي، أو في صناعة الرأي العام الدولي، على الرغم من الأموال والأمكانات والتقنيات الهائلة الموفرة له، وهو أمر حوله الى مزرف رفيع تنساب منه موارد الدولة المالية الى جيوب المنتفعين..

بالعودة الى مفاهيم الثورة، إذ أن لها مفهوم سلبي، هو مفهوم الثورة المضادة،  والإعلام واحد من أشد وسائل تلك الثورة مضاءا وتأثيرا..لا سيما إذا كانت أدوات تحصين المجتمع،  لا ترتقي الى مستوى الإعلام المضاد ولا تجاريها، قوة وسرعة وأداءا..

في كل هذه الإشكاليات والمتضادات، لا غنى عن وجود إعلام تديره الدولة، أو تموله وتشرف عليه، ليس بقصد إحتكار المعلومات، أو الهيمنة على الفضاء الإعلامي، لكن لأن الدولة كائن سياسي يقود المجتمع ويخدمه، ومن حقها أن تروج للمفاهيم التي تشكلت بموجبها ولأجلها.

واقع الحال في بلدنا العراق، لا يبشر بتلبية هذا الطموح، فإعلام المؤسسات الحكومية مُنوَم مغناطيسيا، وينحى منحى الإرتجال، وأغراضه لا تتعدى الدعاية وتضخيم منجزات المسؤول، بغية تسويقه سياسيا وإجتماعيا، والمؤسسات الإعلامية الحكومية الكبيرة، يطبع عملها نفس التوجه، الهادف لترسيخ أرضية النظام الحاكم، ولكن بمقياس مكبر يثير الإشمئزاز..

ناهيك عن هيمنة الطارئين على مفاصل الإعلام الحكومي المهمة، وهو ما ينتج إعلاما طارئا، لا يقوى على مواجهة الإعلام المضاد، ولذلك لجأت الحكومة في وقت قريب مضى، إلى إيقاف خدمات إعلامية مهمة، مثل الإنترنيت ومواقع التواصل الإجتماعي، وهي خطوة كشفت عن خواء القرار الإعلامي الحكومي، ونزعت عنه ورقة التوت..

مثل هذه الخطوة وغيرها، تكشف عن  مدى الحاجة الماسة، الى تخطيط إعلامي مدروس، لا نعتقد أن إعلام الدولة قادر عليه، لأن المطلوب ليس في مدى بصره وبصيرته، لا سيما أنه مصاب بعمى الألوان!

كيف سيتخلص الإنسان من قيوده، وهو لا يستطيع أن ينفتح فكريا، ويرتفع ثقافيا، ويرسم أحلامه الواقعية، ويرتقي بآرائه قدما؟!

شكرا

8/8/2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك