حافظ آل بشارة||
لحد الآن لم يفهم اكثر قادة النظام والدولة حقيقة الشعب واسلوب تفكيره ونفعيته ، فالشعب بطبيعته نفعي مصلحي ونفعيته مشروعة ومطلوبة وهي من معايير الدولة العادلة ، والعقد الاجتماعي الذي اشتهر في فلسفة السياسة انما يعبر عن صفقة بين الحاكم والمحكوم ، فالحاكم يمارس سلطته ليخدم الناس مقابل تعاون الناس معه ومنحه الشرعية ، ولا توجد اي اعتبارات ثانية في علاقة الحاكم بالمحكوم غير الاعتبارات المهنية كالنزاهة والكفاءة والتخصص ، فلا احد يحترم المسؤول المتدين او يحتقر المسؤول غير المتدين بل المسؤول الخدوم النزيه هو المحترم عند الناس سواء كان متدينا او غير متدين ، بعض الاسلاميين بدائيون في تفكيرهم ويعتقدون ان الناس سيحترمونهم وان فشلوا لأنهم متدينون حسب تصورهم وان كان هذا التدين السياسي فيه بحث آخر ، بينما القاعدة تقول ان اكثر الناس غير متدينين واكثرهم للحق كارهون ، ويبحثون عن مسؤول يخدمهم ولا يستخدمهم ، بهذه المعايير سوف تكون تجربة الكاظمي مع السلطة او بهذه المعايير ستكون مرحلة ما بعد الانتخابات ان نجحت ، سيحاول البديل المقبل تحقيق النجاح في كل ما فشل فيه الآخرون ، وربما تكون اميركا داعمة لاثبات فشل الاسلاميين ، يجب الانتباه بدقة الى تجربة دول الخليج فقد حققت الامارات اعلى دخل فرد في العالم ، واصبحت تدرج ضمن الدول الاكثر رفاها في العالم ، كذلك الكويت وقطر ، هذا ما يريده المواطن. وهذه الدول لا يوجد فيها حديث عن الفساد وسرقة الاموال مع ان الأمير يملك الدولة ونفطها واموالها ولديه امبراطورية مالية هائلة لكنه حريص على رفاه شعبه ، معظم الدول الرأسمالية تتصرف بهذه الطريقة لكن الاختلاف ان في تلك الدول تسيطر على الاقتصاد شركات ولوبيات كبيرة وتعتمد الدولة نظاما ضريبيا دقيقا لكي تمنح المواطن حقوقه كاملة وتضمن له الاستقرار النفسي والاعتزاز بدولته في اطار العقد الاجتماعي ، لذا هم في الانتخابات يتنافسون على خدمة المواطن وتتنافس الشركات واللوبيات والحكومات على ارضاءه ، لأن اي مظاهرة شعبية بسيطة في الشارع يمكن ان توجه ضربة قاصمة للشركات وشبكاتها وسمعتها فهي اجهزة ضخمة لكنها تنهار بسرعة امام اي اضطراب في الشارع ، وهذه آليات عريقة عمرها مئات السنين في الغرب ، وهي تجربة تعبر عن مكانة نفعية المواطن في صناعة النظام السياسي وتوازنه.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha