المقالات

عندما يكون الحل عسكريا  

1372 2020-08-01

واثق الجابري||

 

يكشف التضخيم والمبالغة في القوانين والسلوك البشري والسياسي، عن أشياءمشؤومة ومخيفة، وإبتعاد عن الحقائق والحلول وجهاً لوجه، وهكذا مشكلات العراق السياسية والإقتصادية، ومنها تعرض العملية السياسية إلى ضربات موجعة، حينما كانت الحلول جزءاً من المشكلة أو مشكلة بذاتها.

شخصت الحكومة الحالية أن مشكلة المنافذ الحدودية، واحدة من بين المشكلات ذات الأهمية القصوى، وهي من بين 40 ملف حددتها الحكومة السابقة، وعدّتها ملفات رئيسة للفساد الذي عصف بالدولة،

ورغم اختلاف الأولويات، الا انها لا تختلف من حيث الأهمية والتأثير على الدولة، ولم تختلف الحكومتان، بل حتى القوى السياسية تعترف والمواطن يلمس أو يرى بأم عينه حقيقة ملفات طال إنتظار حسمها، في ظل هيمنة قوى سياسية، وفساد إداري يصل منه ما يرتبط حتى بالقطاع الخاص، مع ضعف واضح في أدوات المراقبة، إن لم تكن التأثيرات السياسية هي المعرقل لعملها.

أصبحت مكامن الفساد في العراق، كالبيئة الموبوءة وأنت لا تملك أدوات بديلة عما اجبرت على إستخدام من أدواتها، وحري بالسلطات أن تستحضر كل وسائل الوقاية والعلاج؛ فمن قال أنه بالضد من الفساد، لا نضمن سلامته في حال عيشه في هذه البيئة، سواء كان راضياً أو مرغماً، ولكن العلاج ربما  ينتج وباءً آخرَ أكثر شراسة، في حال الخروج عن الأطر القانونية والمنهجية المؤسسية.

يفرض طبيعة عمل المنافذ الحدودية، على اشتراك جهات حكومية عديدة ومن ضمنها قوات أمنية وإستخبارية، بل تضطر الدول حتى الى التجسس على موظفيها لخطورة المنافذ، بما لها علاقة بأمن وسيادة الدولة، ناهيك عن أمنها الغذائي والمخاطر التي تخلفها عدم الدقة والمهارة في إدارة الواجبات كل حسب اختصاصه، في حين أصبحت هذه المنافذ مرتعاً كبيراً للفساد، وبوابة تدخل النار على الدولة، بما لها من تأثيرات إقتصادية وسياسة وأمنية، أكثر من خطر نتصوره أن تعود بالنفع لجهات وعصابات تنهب جزءاً كبيراً من واردات الدولة.

إن خطوة رئيس مجلس الوزراء بتحريك قوات أمنية، وبالتحديد جهاز مكافحة الإرهاب؛ ستجعل القوات الأمنية بمواجهة المافيا للسيطرة على المنافذ، ورغم أن هذه العصابات يصل بنا الإتهام لها بأن فعلها لا يقل خطراً عن الإرهاب إن لم يكن في بعضه مساعداً له، لكن الأجهزة الأمنية قد يقتصر عملها بمواجهة تلك العصابات، ومنها من فرض إرادتها بالقوة، ولكن فعل المنافذ يحتاج إلى إختصاصات في عمل المنافذ وجهات رقابتها، وجهات مختصة بتطبيق القوانين النافذة، من حماية المستهلك وصولاً إلى سلامة المواد الداخلة والخارجة وأمن المسافرين ووسائل النقل والتقييس والسيطرة النوعية، ومعظم هذه الأعمال خارج إختصاص الأجهزة الأمنية.

يمكننا أحيانا القول ان القوة تجابه بالقوة، وان العصابات والمافيات لابد أن يواجهها العسكر، ولكن في الوقت نفسه ، يبقى العمل المؤسسي والقوانين هي الحاكم، وفي حال تحولها إلى حكم العسكر، يعني أن هناك سعياً لتداخل الصلاحيات وعسكرة المجتمع بدل العمل المؤسسي.

تعطي القوة والمبالغة في القوانين، أحياناً نتائج عكسية وفي بعض الأحيان تعلن الدول أحكاماًعرفية وتجعل السلطة بيد العسكر، وهذا يعني تعطيل المؤسسة المدنية، وبما أن العراق يشكو من ترهل المؤسسات وتداخلها وتقاطع صلاحيات بعضها، حيث أصبحت كثرة المؤسسات والتشريعات، عائقاً آخر كما هي الدول الأكثر فساداً حيث تكون أكثر تشريعاً للقوانين، وتخمة في المؤسسات الرقابية، التي هي بذاتها صارت جزءاً من الفساد،  وجهاز مكافحة الإرهاب جهاز مهاب لدى جميع العراقيين، ورمز للبطولات خاضها في مكافحة الإرهاب، وتحويله إلى جهة رقابية،  يضعف من قدرته على إدارة ملفات شائكة، تتعلق بالأشخاص والقوانين والأدوات والقوى الداخلية والخارجية الضاغطة.

تفعيل عمل المؤسسات لا يمكن بإستخدام العسكر، ومن تحايل على القوانين والجهات الرقابية أو تعاون معها، لا تخضعه القوة، والجهات المسيطرة على المنافذ لم تأت بجيوش لتحتلها، بل مارست شتى انواع الفساد، ومعالجة مشكلة الفساد بدراستها بجدية وواقعية، ومراقبتها بشكل مركزي بمنظومة ألكترونية ترتبط بكل الأجهزة الرقابية وصولاً إلى رئيس مجلس الوزراء، وفي الدولة 40 ملفاً كبيراً للفساد، يبدأ من هرم المؤسسات إلى ادناها، ولا يمكن أن نضع على كل فرد شرطياً، بل لا يمكن للمؤسسات المدنية أن يكون حل ملفات فسادها عسكريا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك