المقالات

عندما يكون الحل عسكريا  

1664 2020-08-01

واثق الجابري||

 

يكشف التضخيم والمبالغة في القوانين والسلوك البشري والسياسي، عن أشياءمشؤومة ومخيفة، وإبتعاد عن الحقائق والحلول وجهاً لوجه، وهكذا مشكلات العراق السياسية والإقتصادية، ومنها تعرض العملية السياسية إلى ضربات موجعة، حينما كانت الحلول جزءاً من المشكلة أو مشكلة بذاتها.

شخصت الحكومة الحالية أن مشكلة المنافذ الحدودية، واحدة من بين المشكلات ذات الأهمية القصوى، وهي من بين 40 ملف حددتها الحكومة السابقة، وعدّتها ملفات رئيسة للفساد الذي عصف بالدولة،

ورغم اختلاف الأولويات، الا انها لا تختلف من حيث الأهمية والتأثير على الدولة، ولم تختلف الحكومتان، بل حتى القوى السياسية تعترف والمواطن يلمس أو يرى بأم عينه حقيقة ملفات طال إنتظار حسمها، في ظل هيمنة قوى سياسية، وفساد إداري يصل منه ما يرتبط حتى بالقطاع الخاص، مع ضعف واضح في أدوات المراقبة، إن لم تكن التأثيرات السياسية هي المعرقل لعملها.

أصبحت مكامن الفساد في العراق، كالبيئة الموبوءة وأنت لا تملك أدوات بديلة عما اجبرت على إستخدام من أدواتها، وحري بالسلطات أن تستحضر كل وسائل الوقاية والعلاج؛ فمن قال أنه بالضد من الفساد، لا نضمن سلامته في حال عيشه في هذه البيئة، سواء كان راضياً أو مرغماً، ولكن العلاج ربما  ينتج وباءً آخرَ أكثر شراسة، في حال الخروج عن الأطر القانونية والمنهجية المؤسسية.

يفرض طبيعة عمل المنافذ الحدودية، على اشتراك جهات حكومية عديدة ومن ضمنها قوات أمنية وإستخبارية، بل تضطر الدول حتى الى التجسس على موظفيها لخطورة المنافذ، بما لها علاقة بأمن وسيادة الدولة، ناهيك عن أمنها الغذائي والمخاطر التي تخلفها عدم الدقة والمهارة في إدارة الواجبات كل حسب اختصاصه، في حين أصبحت هذه المنافذ مرتعاً كبيراً للفساد، وبوابة تدخل النار على الدولة، بما لها من تأثيرات إقتصادية وسياسة وأمنية، أكثر من خطر نتصوره أن تعود بالنفع لجهات وعصابات تنهب جزءاً كبيراً من واردات الدولة.

إن خطوة رئيس مجلس الوزراء بتحريك قوات أمنية، وبالتحديد جهاز مكافحة الإرهاب؛ ستجعل القوات الأمنية بمواجهة المافيا للسيطرة على المنافذ، ورغم أن هذه العصابات يصل بنا الإتهام لها بأن فعلها لا يقل خطراً عن الإرهاب إن لم يكن في بعضه مساعداً له، لكن الأجهزة الأمنية قد يقتصر عملها بمواجهة تلك العصابات، ومنها من فرض إرادتها بالقوة، ولكن فعل المنافذ يحتاج إلى إختصاصات في عمل المنافذ وجهات رقابتها، وجهات مختصة بتطبيق القوانين النافذة، من حماية المستهلك وصولاً إلى سلامة المواد الداخلة والخارجة وأمن المسافرين ووسائل النقل والتقييس والسيطرة النوعية، ومعظم هذه الأعمال خارج إختصاص الأجهزة الأمنية.

يمكننا أحيانا القول ان القوة تجابه بالقوة، وان العصابات والمافيات لابد أن يواجهها العسكر، ولكن في الوقت نفسه ، يبقى العمل المؤسسي والقوانين هي الحاكم، وفي حال تحولها إلى حكم العسكر، يعني أن هناك سعياً لتداخل الصلاحيات وعسكرة المجتمع بدل العمل المؤسسي.

تعطي القوة والمبالغة في القوانين، أحياناً نتائج عكسية وفي بعض الأحيان تعلن الدول أحكاماًعرفية وتجعل السلطة بيد العسكر، وهذا يعني تعطيل المؤسسة المدنية، وبما أن العراق يشكو من ترهل المؤسسات وتداخلها وتقاطع صلاحيات بعضها، حيث أصبحت كثرة المؤسسات والتشريعات، عائقاً آخر كما هي الدول الأكثر فساداً حيث تكون أكثر تشريعاً للقوانين، وتخمة في المؤسسات الرقابية، التي هي بذاتها صارت جزءاً من الفساد،  وجهاز مكافحة الإرهاب جهاز مهاب لدى جميع العراقيين، ورمز للبطولات خاضها في مكافحة الإرهاب، وتحويله إلى جهة رقابية،  يضعف من قدرته على إدارة ملفات شائكة، تتعلق بالأشخاص والقوانين والأدوات والقوى الداخلية والخارجية الضاغطة.

تفعيل عمل المؤسسات لا يمكن بإستخدام العسكر، ومن تحايل على القوانين والجهات الرقابية أو تعاون معها، لا تخضعه القوة، والجهات المسيطرة على المنافذ لم تأت بجيوش لتحتلها، بل مارست شتى انواع الفساد، ومعالجة مشكلة الفساد بدراستها بجدية وواقعية، ومراقبتها بشكل مركزي بمنظومة ألكترونية ترتبط بكل الأجهزة الرقابية وصولاً إلى رئيس مجلس الوزراء، وفي الدولة 40 ملفاً كبيراً للفساد، يبدأ من هرم المؤسسات إلى ادناها، ولا يمكن أن نضع على كل فرد شرطياً، بل لا يمكن للمؤسسات المدنية أن يكون حل ملفات فسادها عسكريا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك