محمود الربيعي ||
أمضى العراقيون جل مراحل حياتهم منذ تأسيس دولتهم الحديثة قببل قرابة مائة عام وسلطاتهم تتقلب وتتناقل بين الانقلابات المدنية والعسكرية دون ان يكون للشعب دور فاعل في معادلة تغيير السلطة فالظروف البيئية من جهل وفقر وامراض واستعباد كانت هي المسيطرة على حياة معظم طبقات وفئات المجتمع.
ولايغرنكم الصور المنمقة التي تنتشر على صفحات التواصل بين وقت واخر لتعطي انطباعا مزيفا عن حياة تلك الفترات العصيبة من حياة العراقيين ، وقد بلغت ذروة استفراد العصابات المنظمة بالحكم اواخر ستينيات القرن العشرين حين نزت على عرش السلطة شرذمة من ازلام البعث الساقط لتصادر مصير شعب انهكته تقلبات الايام والسنين.
ويبدو ان حدود الصبر المر قد توقف عند بداية السبعينيات حين بدات بوادر الوعي الاسلامي تنتج حركة شبابية وعلمائية تمكنت من تثبيت ملامح وجودها في الشارع العراقي لتحل بديلا عن الموجة الالحادية التي اخذت في تيارها اعداد كبيرة من الشباب المتعلمين الذين تخلت عنهم قياداتهم حين وقعت على اتفاق مذل مع سلطة البعث انهى قدرة المعارضة الشيوعية بضمانات هزيلة تركتها السلطة وراءها في اول احتقان.
وفي الوقت نفسه كان النشاط الاسلامي الذي وضع اسس وجوده وقيامه المفكر الثائر والمرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر يكبر في مدن وقرى الوسط والجنوب ويضيء الدروب لاجيال حملت فكرا اسلاميا حيويا بهمة حسينية عجيبة تمكنت من بسط نفوذها في الجامعات والمدارس الثانوية لتنتقل من المساجد والحسينيات الى المنازل والمعامل والاسواق وهي تزداد ألقا وعنفوانا كل يوم بل كل ساعة برغم سطوة النظام البعثي الشمولي الحاقد وبرغم قوافل الشهداء التي كان من ابرزها مجموعة قبضة الهدى التي قدم فيها ثلة من العلماء والدعاة دمائهم الزكية لتستمر مسيرة الاسلام المحمدي الاصيل وهي تفعل فعل السحر في اجواء المجتمع وتغير معالم حياة الناس في عودة غير مسبوقة لدين الله ومذهب امير المؤمنين عليه السلام والتي وصلت ذروتها في ايقاد المواكب الحسينية شموع وجودها البهي من جديد في حياة العراقيين وهي تزدان بالفعل الثوري الرافض لعنجهية البعث واستهتار الطغمة التكريتية الحاكمة فكانت انتفاضة صفر الخير التي تصاعد على اثرها توحش السلطة التي بدأت بحملات الاعتقال التعسفي بطريقة همجية لم يعرف لها تاريخ العراق الحديث مثيلا.
فكانت قوافل الشهداء المعدومين من رجال وشباب ونساء الحركة الاسلامية تترى ليتوجها النظام البعثي بجريمته الكبرى باعدام السيد الشهيد محمد باقر الصدر واخته العلوية الطاهرة بنت الهدى ( رضوان الله تعالى عليهما) مصحوبة وملحوقة بحملات اعتقال واعدام شملت عشرات الالاف من خيرة العراقيين الذين التحقوا بالحركة الاسلامية وعملوا لانقاذ الشعب المظلوم من جور وطغيان السلطة المتوحشة وقدموا دمائهم الزكية لبناء كيان الاسلام في عراق الحسين عليه السلام.
خصوصا بعد نجاح تجربة الثورة الاسلامية في الجارة ايران والتي اوقدت اكبر شموع الامل في تحقيق حلم الجمهورية الاسلامية العراقية التي يعيش فيها ابناء الشعب بمختلف اديانهم ومذاهبهم وطوائفهم وقومياتهم تحت مظلة الرحمة الالهية الوارفة التي بعث بها الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه واله وسلم والتي يحمل لوائها مراجع الدين وعلماء الامة ورجالها الواعون والمثقفون الملتزمون .
ومع قسوة آلة القتل الصدامية التي امعنت في المنتمين للحركة الاسلامية وعوائلهم واقاربهم ومعارفهم واصدقائهم تقتيلا وتهجيرا وسجنا وتعذيبا وملاحقة وتشريدا الا ان جذوة الحلم الكبير في دولة كريمة بقيت مشتعلة في القلوب التي استضاءت بفكر الصدر العظيم واهتدت بهداه وسارت على نهجه ، ومع ظروف الهجرة التي اخذت من علماء ورجال الحركة الاسلامية وشبابها الكثير تكرست في الاذهان صورة الجمهورية الحلم وهي عتبة التمهيد لدولة العدل الالهي تحت راية قائم ال محمد عليه السلام فما الذي حل بهذا الحلم واين هي الاقدام التي سارت في الطريق اليه ولماذا لم يعد موجودا حتى في احاديثنا هذا ما نأمل وندعو للكتابة عنه والبحث فيه ان بقينا وبقيت الحياة ..
https://telegram.me/buratha