المقالات

حلم أبعد من اللسان عن حلمة الأذن..!  


عمار محمد طيب العراقي ||

 

الزمن الممتد من 17ـ 30 تموز 1968، كان هو الذي قرر مصير العراق لحقبة أمتدت لـ36 عاما، حكم خلالها زبانية البعث عملاء الأمريكان العراق، بلدا يمتد سحيقا بالتاريخ، لكنهم في نيسان 2003 سلموه ركام تاريخ، الى قوة بلا تاريخ، ولا تعرف معنى التاريخ، هي قوة الغاشم الأمريكي.

احسبها قارئي الكريم جيدا، وستكتشف أن صدام سلم العراق حطاما الى الأمريكان، وهو القائل قبل ذلك،؛ لن نسلم العراق إلا تراب، وهو كلام لا يدل على القوة والشجاعة كما يعتقد بعض الغوغاء، بل يدل على إنسجام صدام وطغمته، مع الرؤية الأمريكية..!

كيف ولماذا؟..نعم كان الأمريكان يريدون العراق حطاما وليس بلدا، لأنهم يعرفون أن من العراق ستنطلق رايات دولة العدل الإلهي، تلك الدولة التي تقض مضاجعهم، ومضاجع ربيبتهم اللقيطة إسرائيل..

 بعيد زوال نظام القهر الصدامي في نيسان 2003؛ كنا نمني أن يؤدي ذلك بالنتيجة، الى عملية تغيير جذرية حاسمة وشاملة، لواقع كان عنوانه الأوسع الشمولية والديكتاتورية الدموية، وأن تكون الحصيلة هي الأتيان بواقع جديد، مغاير ومناقض ومتجاوز لذلك الواقع.

في تلك الأيام كان خيار الفعل الثوري؛ حاضرا في أذهان كثيرين، وكان ذلك الخيار مشرط جراح، يزيل الأورام السرطانية البعثية الى الأبد، لكنه كان خيارا سيؤدي بالنتيجة الى حرب أهلية كارثية، وبالتالي لم يجد له مناصرين أو متبنين، فضلا عن رفضه بشكل قاطع، من قبل المرجعية الدينية العليا، التي جنبت البلاد بحورا من الدماء.

بعد ذلك؛ لم يكن أمام شعبنا إلا الخيار الديمقراطي، كنقيض نوعي للنظام الصدامي، ولقد أحسن شعبنا  الأختيار، فقد كان خياره حضاريا بكل المقاييس.

منذ البداية كنا نعرف؛ أن العملية السياسية المؤدية، الى بناء النظام الديمقراطي المنشود، كانت ستشهد نكسات وتواجه مشكلات كثيرة، لأن التحدي كبير، والنقيض المنقوض، ما زال ممسكا بتلابيب عقول  كثيرين، لكن دعونا نقر ونعترف، أننا جميعا لم نكن نتوقع، مواجهة مشكلات مثل التي واجهناها، طيلة السنوات الخمسة عشر المنصرمة.

لكي نصل الى تحليل منطقي، يجيب عن لماذا نواجه مشكلات كثيرة وكبيرة؟! نقول أنه لا يمكن التمرن على الديمقراطية؛ قبل ممارستها بالفعل، ولا كذلك التدرب عليها، في ظلال بقايا النظام السابق أفرادا وقوانين وثقافة، ومن يعتقد خلاف ذلك فهو ساذج.

صداما زال، وكثير من توابعه زالت معه، لكن الصدامية باقية، بل هي أشد عودا واكثر مضاءا، مما كانت عليه في عهد صانعها، ونلحظها بوضوح شديد، في سلوك الطبقة السياسية المتصدية، وسلوك من هم حولهم وفي سلوك اذيالهم!

لم يكن منتظرا أن يزول البعث بتغيير رأسه، كما لم تكن لعبة المطلوبين الـ (55) من قادة البعث، إلا لعبة أطلقتها المخابرات الأمريكية، لإيهام العراقيين بأن هؤلاء وحدهم، مسؤولين عن آثام البعث، وكانت الحقيقة التي لم يفقه ساسة ما بعد 2003 التعامل معها، أن البعث الذي حكم 40 عاما (1963ـ 2003)، قد مد جذور الشيطان عميقة في الأرض العراقية.

إن السنوات التي مضت، منذ رحيل البعثيين المفترض، من واجهة التأثير في حياتنا، فترة غير كافية للتخلص من تلك الثقافة، فلقد كانت سنوات إرتباك وفوضى سياسية، وكانت سببا كافيا لترسيخ هذا المفهوم.

البعث هذا التنظيم الفاشي؛ مازال يحلم بالعودة الى السلطة، وإذ يمضي الزمن بنا بعد 2003، ونصل الى محطة 2020، نكتشف أن خلايا البعث وتنظيماته الإرهابية، أو تلك المتعاونة معه، تمثل الخطر الرئيس على العملية السياسية، وقد أجاد البعث فنون إختراق مؤسسات الدولة، ومنها المراكز الأمنية الحساسة العليا، لتحقيق حلم العودة الى السلطة، ومحاربتها مرة اخرى.

ما الحل وما النقيض؟!

الأجابة ليست عسيرة، فالنقيض بنى نفسه مستندا الى ركن متين، هو المرجعية الدينية والدعم الشعبي التام..

النقيض المقصود هو الحشد الشعبي، الذي تحاربه فعاليات سياسية موالية لأمريكا بلا هوادة، برغم إدعائها الأجوف بدعمه وتبنيه، وعلى الرغم من الوضع القانوني الرصين للحشد الشعبي، إلا أن الدوائر الحاكمة المثقلة بالبعثيين، تعمل بقوة لإفراغ الحشد الشعبي من بعديه المرجعي والشعبيـ توطئة لحله، وهو حلم بعيد؛ أبعد من اللسان عن حلمة الأذن..!

شكرا

18/7/2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك