محمد وناس ||
يقول رسول حمزاتوف في كتابه داغستان وطني
عندما كنت صبيا احتجت ذات مره للذهاب الى القرية المجاورة واردت الذهاب على طريق ابي .. لكن احد شيوخ الجبال استوقفني قائلا .. درب ابيك اتركه لأبيك وابحث لنفسك عن دربك انت ...
داغستان هذا البلد الذي يقع في الطرف الجنوبي من روسيا . جمهورية فدراليه تابعه للاتحاد الروسي .. مسلمة . معظم اراضيها تشغلها الجبال والقرى القديمة تصدح على السفوح .
الحياه في داغستان صعبه . والرعي هي المهنة الاكثر شيوعا في داغستان . ان لم يكن الابن راعيا فالأب راعي ان لم يكن الاب راعي فبالتأكيد الجد راعي . متنقلون بين ارجاء بلدهم
(( يمضي الجبلي مئات الاعوام سائرا ,يتبعه حماره الاليف وعلى ظهره جوال وابريق ( حمزاتوف من كتاب داغستان وطني )
ومع اختلاف المواسم بين الصيف وارتفاع الحرارة نسبيا في هذا الجزء من الكره الراضية وبين الشتاء القارس جدا مع ثلوج داغستان الروسية يحتاج الداغستاني للتنقل بين المراعي والحقول ليربي اغنامه يحتمي من برد الجبال بعباءة من الصوف .
عباءة الراعي الداغستاني مميزه جدا وتعتبر الزي الرسمي للداغستاني وان كان الاجيال الجديدة اصبحت تبتعد عنها ( في كوبا اهديت فيدل كاسترو العباءة فسائل قائلا لما لا توجد فيها ازرار . فأجبته لكي تنزعها عنك بسرعه عند الضرورة وتستل سيفك . وعند المطر تضعها سريعا على كتف حبيبتك .))
كل ما يعرفه العالم عن داغستان انه بلد قوقازي , ان عرفوا ,,,, مع حكاية من هنا . واخرى من هناك واغلبها تقدم بشكل مغلوط او غير مدرك لما تحمله من ارث او ثقافة اجتماعية لهذا الشعب العريق .
واغلب الناس الذي سمعوا باسم داغستان كانت المرة الاولى من خلال الاخبار ومن خلال الاحداث الدامية التي حصلت في الشيشان وداغستان في نهاية التسعينات وبداية الالفية الجديدة . ثم جاءت موجه الارهاب لتلتصق تسمية الارهاب بالشيشاني والداغستاني ويصبح هذا اللقب عنوان للإرهاب متجاهلين كل ارث هذا الشعب الضالع بالقدم والمليء بالتراث الجميل والفلكلور الرائع النابض بالحياة والحب والجمال ..
استطاع رسول حمزاوتوف ان ينقل داغستان الى العالم ويقدم للناس الثقافة الداغستانية بطريقة مليئة بالحياة والروح بدون تزويق او تغير للحقائق بحلوها ومرها , غثها وسمينها .دون الوقوف طويلا عند السلبيات ودون عبورها وتميعها .
قدم داغستان كصبية جميلة مفعمة بالحب والحياة
مع ان العراق يحمل من التاريخ ما يفوق داغستان عشرات وحتى مئات المرات .
مع ان العراق يحمل من الارث الفكري والثقافي الانساني ما يفوق داغستان الالف المرات . بل ان ما صدره العراق للبشرية من ثقافات تحولت الى فولكلور شعبي لمجتمعات عده , ما قدمه يفوق داغستان الالف المرات ..
مع ان العراق فيه تنوع وفسيفساء من كل شيء ( الشعر , الموسيقى , الملابس , الطباع , الطعام , اللغة . وحتى حكايات العجائز لأحفادهن ) ما يفوق داغستان اضعاف مضاعفة .
مع ان العراق فيه شباب رخصوا دمائهم لهذه الارض , وقدموا لهذا الوطن كل حياتهم .
مع كل هذا لم اجد كاتب عراقي واحد استطاع ايصال العراق للعالم كما استطاع حمزاتوف في كتابه داغستان وطني .
ولم اجد كاتبا عراقيا واحدا استطاع تخليد عطاء هذا الشعب المظلوم
والاغرب من هذا ان تجد من كتبوا عن العراق من غير العراقيين كتبوا عنه بشكل يدعو للفخر واحاطوا بكل مكامن الجمال في هذه الارض وكل مكامن الرقي في هذا الشعب . بداء من ستيفن يونك في كتابه العودة الى الاهوار ولونكريج في كتابه اربع قرون من تاريخ العراق الحديث ومارجريت لو وصموئيل كرورك وغيرهم من المستشرقين الذين عشقوا العراق بكل ما فيه من متناقضات . حتى بول بريمر في كتابه سنتي في العر اق مع كل ما فيه من ترهات وتغيب للواقع ومحاوله تغير الحقائق لم يستطع تجاوز الكثير من الايجابيات واضطر الى نقلها وان حاول التلاعب في تفاصيلها .
(((في الجبال ثمة عادة . الفارس لا يقفز الى سرجه قرب العتبة . بل عليه ان يخرج الحصان من القرية . ربما كان ذلك ضروريا لإعادة التفكير في ما يتركه وراءه او ما ينتظره في الطريق ..... ))) رسول حمزاتوف ,,, داغستان وطني
كم احلم ان اجد كتاب بعنوان العراق وطني
https://telegram.me/buratha