المقالات

حان وقت الحوار  

1518 2020-07-11

واثق الجابري ||

 

حادثة الاعتداء على مدير عام صحة ذي قار واحدة من آلاف الحوادث المتشابهة، وربما منها ما هو  أشد قسوة وعنفاً، لكنها وقعت تحت الكاميرا كما هي عملية قتل جورج فلويد في أمريكا، وكلامها يعبر عن نفسه بقول لا أستطيع التنفس، ورقمها أن فلويد مقيد الأيدي وفي العراق من لا يستطيع التنفس مطلقاً، وهو جيل يشعر أنه فقد سبل العيش في بلده ولا يستطيع التنفس، حتى منهم من تصرف كالمخنوق ويضرب بلا وعي.

ليس هذا الجيل فحسب، الذي تمرد أو رفض الطبقة السياسية،  بل أن الكثير من العراقيين يعانون من السياسة الصحية وضيق العيش، أو حتى الميسور منهم يشعر بوجود غبن وتفاوت فرص، ولكن هؤلاء الشبّان ينظرون ان الوظيفة بوصفها السبيل الوحيد لعيشهم،  وأن الأسباب واضحة بسبب الفساد والمحاصصة وسوء الإدارة، بل بعض منهم تورط بالإرهاب لنيل مكاسب سياسية أو إرضاء أجندات خارجية، والوظيفة في نظرهم غاية، حتى انهم ينظرون للقوات الأمنية رغم تضحياتها، بأنها مستفيدة من الدولة بالرواتب، وتناسوا من قدم نفسه ضحية وهو في بيت صفيح، وربما منهم من هو أسوأ حالاً من الشبّان المحتجين، وهناك من تعاطف مع التظاهر وهو مترف او حتى لو كان ثراؤه من تحايلٍ على القانون ودفع رشاوى ومشاركة فاسدين.

ربما لم يقتنع  كثير من سياسيّي الخط الأول، أو تناسوا أنه منذ العام  2003 إلى 2020 م، تخرجت منها أجيال منهم من شاخ ومنهم مواليد هذه الأعوام أصبح شابا، يسمع السياسة ليل نهار، ويغذى دماغه بالصدق والكذب والأشاعة وتبادل الاتهامات، حتى ما عاد يصدق أن كل من مارس السياسة ولم يتلطخ بالفساد، وبين جيل لم لم يحسب ان 17 عمرا لإنسان، فيما  يشعر شباب انهم جيل لا يتنفس، وكل ما تنفسه فساد وابتزاز، وضياع حقوق يعتقدوها بحسب ما تتناقله وسائل الإعلام المصارعة لنيل مكاسب ما.

إن كل الأطراف معنية بمراجعة طبيعة الخطاب والأفعال، بما فيهم قادة الجيل الأول وشباب اليوم والمجتمع، في واقع أصبح التنافس قطعاً للأنفاس ونفي الآخر، وعليهم تفهم ان لكل مرحلة متطلباتها،  ولابد من القبول بحلول وسطى بأقل الخسائر، وبما يعني أن التنازل عن نصف المطالب، يعني كسب نصف لم يتحقق، وبذلك ليفهم قادة الجيل الأول أن الواقع طرأت عليه تغيرات ومراحل، ومن العقل التعامل مع هذه المراحل بما هو واقع، وإن كان يعتقد بمكاسب أهمها الديمقراطية فلابد من سلوك سبلها لتحقيق العدالة الاجتماعية، وكذلك جيل الشباب أن يعرف تاريخاً من التضحيات ودماءً لولاها لما وصل العراق إلى فسحة كل هذه الحرية، بشرط أن يلتزم الطرفان ولا يستغل الأول وجوده في السلطة، لديمومة مكاسب ومنها غير شرعية، ولا يستغل الشباب فسحة الحرية، للتمرد والخروج عن مفاهيم الديمقراطية والحرية التي تقدمها قوانين لخدمة البشرية.

عشرات أو مئات الحوادث يومياً تحت عنوان الحقوق، إلا انها لا تخلو من مصالح خاصة على حساب العامة، وسياسة الإصلاح خذلان في خدمة المواطن، وجمهور ناقم دفعته الحاجة إلى الانسياق في ركب نفي النظام السياسي وتهديم مؤسسة الدولة.

ليس على كل الأطراف سوى فهم، أنهم في مركب واحد، وخطأ أحدهم سيؤدي إلى غرقهم جميعاً، وأن الواقع فيه من ذاق قسوة الفقر وأثر الطبقية، وقوى سياسية تجرعت ابتزاز وتسلط غيرها أو أنها تقاسمت المنافع وظلمت المجتمع، وما تحتاجه الأطراف كلها هو عقد جلسات ومؤتمرات وطنية.. وطنية بالمعنى والفعل وأدوات التطبيق، وجلوس الأطراف كلها على طاولة حوار تجمع القوى السياسية والشعبية والمتظاهرين، والواقع وجود قوى سياسية فاعلة في العمل التنفيذي والتشريعي، وجمهور منه المعترض وغير راضٍ عن الواقع وهناك متظاهر، ومن هذه الجلسات تخرج مقررات ملزمة لكل الأطراف، دون تبني مواقف مسبقة وسقوف عالية المطالب، على أن لا يعتقد السياسي أن التظاهر مدفوع من الخارج، وأن لا ينفي التظاهر وجود قوى سياسية، وكل الأطراف تعمل على تهيئة أرضية للإنتخابات القادمة.

عندما تَصدق القوى السياسية، فإنها تعيد لجمهورها جزءاً من الثقة المفقودة، وبالوقت ذاته على المتظاهرين إثبات أنهم خرجوا لإصلاح العملية السياسية وأن لهم رأياً وهناك من يختلف معه.. عليهم القناعة أو تحييده، ومثلما يطلبون القبول عليهم القبول بالرأي الآخر، وإلّا أن استمر التقاطع بين الأطراف، فستسعى أطراف سياسية لإستغلال الفوضى من أجل ديمومة الفساد، وأطراف بإسم التظاهر لأجل تنفيذ أجندات تخريب الدولة، وبذلك بدل ان تصلح العملية السياسية، سيكون تقاطعهما سبباً لضياع حقوق الشعب، ويصبحا كحال بعض القوى السياسية، أن اختلفت فإنها تعطل العمل الحكومي وخدمة المواطن وإن اتفقا فإن اتفاقهما على تقاسم مغانم لا حصة للشعب فيها، وبذلك ادراك الواقع بالمحافظة على النظام السياسي والمؤسسات، وتؤشر نقاط الخلل وتتعاون الأطراف جميعها على حلها، وأن تقبل الأطراف جميعها بالإنتقاد والمراجعة، ولا طرف يعتقد انه معصوم، وفي العراق هناك من لا يستطيع التنفس وكلنا مسؤول عن اغاثته

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك