محمد وناس
منذ صغري اسمع جدتي رحمها الله اذا اشتد عليها المرض او داهمها امر جلل تسال الله بالسيد محمد سبع الدجيل . فكان وقع اسمه عليه السلام ذو اثر كبير على نفسي . مع اني لم ازره الا مره او مرتين في حياتي حتى صدرت الفتوى المباركه من سماحه السيد السيستاني اطال الله عمره , فكان نصيبي ان اكون خادما له مع رجال المرجعيه رجال الحشد الشعبي في تحرير مدينه بلد والدفاع عنها في ما بعد.
بعد ظهر يوم من ايام تموز الساخنة جدا بحرارتها وباحداثها , وصل النداء الى مقر اللواء الثاني حشد شعبي بوجود تعرض على مدينه بلد من جهة منطقه عزيز بلد واهل المدينه يطلبون العون من الحشد .
توجه الشباب باقصى سرعه الى المدينه التي تبعد عن مقر اللواء مسافه تسعه كيلو متر بسياراتهم .
لم اشاهد في حياتي قبل هذا اليوم اهل مدينه مؤتلفين ومتآزرين على البلاء مثل اهل بلد . الكل يتحركون باتجاه مكان التعرض .
شباب .. شيوخ .. رجال .. وحتى النساء .
شاب يركب دراجه ملابسه توحي انه عامل بناء وامامه سلاحه ..
شيخ كبير معتمر الكوفيه والعقال وبيده سلاح .
سيده تحمل صندوق عتاد .
المدينه كلها تتحرك باتجاه واحد ..
عند وصولنا نصب مجموعه من الشباب الهاونات وبدؤوا بأخذ الاحداثيات .
مجموعه اخرى تجهز نفسها للدخول الى خط المواجهه المباشره وتأخذ التعليمات ..
مجموعه اخرى تقوم بإنزال العتاد وأهل المدينه يساعدونهم .....
كانت مواجهه صعبه وعنيفة جدا . موقعي مع قوه الاسناد ( الهاونات ) ومعي مجموعه من الشباب ( خمسه ) من طلبه الجامعه التحقوا للعمل في الجانب التبليغي و الاعلامي للحشد بمعنى اخر خبرتهم القتاليه ضعيفة , مع حماستهم وشجاعتهم المنقطعة النظير , خوفي عليهم اضافه الى اوامر من مسؤولي المباشر منعني من التقدم الى الخط الاول .
الشمس تتجه نحو المغيب بسرعة تفوق سرعة الاحداث . والشارع الذي امامي بين فتره والأخرى يحمل جثه شهيد او مصاب .
وبين اللحظه والأخرى تأتي مجموعه من خلفي لتلتحق بالمجاهدين في الخط الاول الذي يبعد عني ٢٠٠ متر ..
اراقب عيونهم وهي تتوسل ان اتقدم بهم .
وأصارع نفسي بين القبول وبين تركهم والذهاب وحدي .
صوت الانفجاريات ودوي الرصاص الذي لا يترك فرصه للتفكير .
توارت الشمس خلف بساتين الكروم , وبداء الظلام ينشر خيمته فوقنا .
قررت ان ادخل وحدي واترك الشباب في مكانهم ..
تحركت بين الاشجار المزروعة على جنبي الشارع باتجاه الخط الاول مع اول مجموعه اتت من الخلف .
نتحرك بشكل متعرج ونخفي انفسنا خوفا من القناصين ....
قبل ان اصل الساتر واذا برجل كبير بالعمر يرتدي (دشداشه ) اللباس العربي ويضع على راسه عقالا ومعصوبا بكوفيته غطت جزاء من وجهه وهو يسري نازلا من الساتر راجعا لوحده في وسط الطريق غير ابه ولا مهتم برصاص قناصي داعش .
ناديته .. يا حاج تعال هنا سوف تصاب ..
التفت الي وابتسم ( ماكو شي لا تخاف )
عجيب .. لما هو عائد وهو يملك كل هذه الشجاعة ..
ناديته مره اخرى وبصوت عالي وإلحاح حتى اوقفته
( ولدي لا تخاف المعركه انتهت )
كيف انتهت حاج وحن في وسط النار ,
( يا وليدي الغالي سيد محمد بنفسه يقود المجاهدين في هذه اللحظه انا شفته بعيني وهو يتقدم عليهم )
صدمتني الكلمات .... هل اصدق هذا الشيخ وانا ارى النار تحرق ما حولي . ام اكذبه وهو يسير بكل ثقة تارك النار خلفه .
اثارته ملامح وجهي و الاستغراب الذي بدا علي . فقال انظر الى الساتر ماذا ترى ...
النار تلتهب في مواقع داعش .
توقف الرمي . وانتهى صوت الرصاص . عمت حاله السكون الا من هتافات المجاهدين وتهليلهم بالنصر .
https://telegram.me/buratha