عمار محمد طيب العراقي ||
بداية نتساءل: لماذا نتاج السياسة لدينا فجور في الخصومة، وعداء شنيع في المواقف، فتتحول إلى أفخاخ وشراكات، ومخالب تدمي وتؤلم وتفتك؟
إذا كنا طوال قرن من الزمان وحتى اليوم، لم نتعلم من السياسة كيف نختلف وكيف نتعايش.. وكيف نعمل ونقبل الآخر.. بل وكيف نعمل بإخلاص؛ من أجل صالح الوطن والمواطن، فكيف لنا أن نتعلم خلال فترة قصيرة، هي فترة حكومة الكاظمي المؤقتة، التي لا يبدو أنها ستكون مؤقتة، وذلك نظرا لمعطيات حراكها في أيامها الأولى، لكي نخرج من هذا المأزق الذي حشرنا أنفسنا فيه؛ بوعي أو بغير وعي ..
لذلك فإذا كانت السياسة؛ هي هذه التي عرفناها ونتعامل بها اليوم، فلتذهب إلى الجحيم ولنعش دون كل هذا الاهتراء السياسي، والفحش الحزبي والاعلامي، الذي لا حدود لكراهيته وتمترسه، وتحوصله في دوامة الخوف والموت والعداء المضمر والمعلن.
كنا نعتقد أن اقتران الديمقراطية بالتعددية الحزبية، وبحرية الصحافة وحقوق الإنسان، وفتح المجال واسعاً أمام منظمات المجتمع المدني ، لتقوم بدورها كما يجب، هو الذي سيهيئ المناخ الآمن والمناسب لنا،لخدمة الشعب والوطن.. لاسيما أن البعض كان يعتبره إنجازاً، أقرب ما يكون إلى الإعجاز التاريخي، لأنه جاء في ظل ظروف إقليمية ودولية استثنائية اتسمت بالتعقيد والتحولات الجذرية، بمسار التاريخ المعاصر الذي شهد انهيار إمبراطوريات وتفكيك دول .
كنا نظن أنه كلما زاد هذا الإنجاز ابتعاداً عن لحظة انطلاقه، توغلاً في سفر التاريخ، تجلت عظمته وأهميته، وأبعاده الوطنية والإقليمية ، وإن كانت التجربة الديمقراطية ليست طويلة، إذا ما قسناها بتجارب الدول العريقة، في الممارسة الديمقراطية، ولكننا لم نحسن التعامل مع هذا الإنجاز، واستغلاله لخدمة الشعب والوطن، وإنما حولناه للتقاتل فيما بيننا، وبثت من خلاله روح الكراهية والانتقام من بعضنا بعض...
هذا ما يجعلنا نقول: ألا قاتل الله السياسة إن كانت بمثل هذا العبث، وسحقًا لساسة واعلاميين يكون الوطن عندهم؛ هو آخر ما يفكرون به أو يعملون من أجله.
وإذا كانت العملية الانتخابية، تمثل روح النهج الديمقراطي وتتويجًا له فإنها تعتبر إطاراً؛ تلتقي عنده الأحزاب والتنظيمات السياسية، من مختلف ألوان الطيف لخوض منافسة شريفة، وهو ما يميز الديمقراطية الحقيقية، حينما تمارس بصدق وشفافية، لا رقيب عليها سوى رقابة الضمير البشري، الذي إذا تحرر من كل الأنانيات، عاد إلى حقيقته الطبيعية، وهي الصدق والأمانة..
من هذا المنطلق يتعين على كل الحركات والقوى السياسية، بمختلف توجهاتها وأيدولوجياتها، أن تقوم بدورها كشريك فاعل، إلى جانب القطاعات الرسمية، في تنمية الوعي بأهمية حقوق الإنسان، والممارسة الديمقراطية الحقة لدى المواطن، وبدون هذا التكامل سنظل نغرد خارج السرب، مهما ادعينا أو ضحكنا على أنفسنا؛ أننا نسير في الطريق الصحيح، بينما إتجاهنا؛ في ظل ما نقوم به من تصرفات خاطئة عكس ذلك تماما.
على كل المعنيين، دولة وإن كانت لم تكتمل أو تترسخ ملامحها بعد، وقوى سياسية وإن كانت قليلة التجربة؛ ولا تعرف بالضبط ما لها وما عليها، أن يستوعبوا أن الشعب العراقي يعرف منهجه وطريقه، وأنه الضلع الرئيسي في مثلث صناعة غد العراق، المتمثل بالشعب والمرجعية التي هي الرأس، والحشد الشعبي الذي هو القاعدة والمرتكز..وأن هذا المثلث قد أصبح قويا ومتماسكا، ولن تزيده المؤامرات الا ان يكون اكثر صلابة وتحد، في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيو سعودي، والانتصار عليه، وقد جربه اعداء العراق التاريخيين في ثورة العشرين وخرجوا مهزومين.
من المؤكد أن الأمريكان وتحالفهم الصيوسعودي، ومعهم أتباعهم الأذلاء المحليين واعلامهم السرطاني المضلل، سيستوعبون الدرس، وأنه سيأتي يوم يستطيع فيه العراقيون، بمثلثهم القوي المتماسك، ان يخرجوا العراق من عنق الزجاجة الأمريكية، التي حشره الأمريكان فيها، منذ عام 1963 عندما جاءوا بقطارهم الذي ركبه البعثيين..
شكرا
9/7/2020
https://telegram.me/buratha