محمد كاظم خضير ||
شهد المؤسسة العسكرية العراقية أكبر عملية تغيير في قيادات الصف الأول وقادة مراكز حيوية وحساسة منذ عقود، شملت قادة الالواية وجهاز مكافحة الارهاب و الحشد الشعبي و الأمن الوطني ، لكن هذه التغييرات التي جاءت متزامنة مع حملة تغييرات شاملة مسّت باقي الأجهزة الأمنية ، طرحت حزمة من التساؤلات في العراقي ، بشأن علاقتها بالاستحقاق السياسية المقبل، وكثيراً من الجدل بشأن بسط الكاظمي لسيطرته على المؤسسة العسكرية ليبعث رسائل لامريكا بقدرته على سيطرة على مؤسسة القوات المسلحة .
ان تغيرات في المناصب لم تكن مقنعة ولم تنه الجدل المتصاعد بشأن خلفيات هذه التغييرات، خصوصاً أن قرارات التغيير ، يفترض أن تشمله شخصيات عسكرية حتى في اقليم كردستان ، التي تشغل مناصب منذ 17سنة، منذ عام 2004، مقارنة مع القيادات التي أقيلت والتي تشغل مناصبها منذ فترة أقل من ذلك بكثير.
مع استمرارية الحوار الاستراتيجية والغموض الراهن في أعلى هرم السلطة بشأن القدرة الفعلية للكاظمي على إدارة شؤون الحكم وقطع النفوذ الإيراني ، ودور الحشد الشعبي في خريطة القرار السياسي بشأن ذلك، أعطت للتغييرات الأخيرة في الحشد بعداً سياسياً، إذ لا تفصل نقاشات المتابعين للشأن السياسي والعسكري في العراق بين التغييرات الأخيرة والتمهيد لمخرجات الحور الاستراتيجية.
أن سبب ذلك بسيط، وهو أن لعب دور إقليمي يحتاج إما قوّة عسكرية قابلة للاستعمال الخارجي، أو قوة دبلوماسية فعالة، أو قوّة اقتصادية يمكنها تحصيل النفوذ الجيوسياسي .
أن "التغييرات الأخيرة تمت لصالح محيط الكاظمي ضماناً للمرحلة المقبلة، مهما كانت مخرجات القرارات الأخيرة للحوار الاستراتيجية وايظا بشأن الترشح لولاية ثانيه من عدمه". وأضاف أن "الملاحظ أن التغييرات عززت أكثر محيط الكاظمي ، عكس ما يقال. المناصب الحساسة داخل المؤسسة العسكرية بيد محيط الرئيس الوزراء ، و هو ممثل هذا المحيط لدى المؤسسة، وهذا المحيط لا يفكر في الولاية الثانية بل في استمرارية هذا المحيط".
أن "التغييرات الأخيرة تدخل في سياق التفكير في استمرار قبضة تكتل الكاظمي بعد ذهابه بشكل أو بآخر. لهذا لولاية ثانيه ليست غاية إذا ما تم ضمان الاستمرارية، لأن الرئيس الوزراء يبقي مجرد عنوان". وهنالك وجود "شبكة مصالح وتكتل قوي داخل المؤسسات عنوانه الكاظمي الذي تمكن في ظرف شهرين من تشكيل دولة داخل الدولة وليس من السهل الإطاحة به". أن الكاظمي ، ابات الرجل القوي الوحيد في المشهد، إضافة إلى قائد جهاز مكافحة الارهاب عبد الوهاب الساعدي ، يمثلان الأداة التي يبطش بها ".
هذه التغييرات عموما، إنها تتعلّق "بحرب باردة داخل أقطاب النّظام أكثر من تعلّقها برغبة تغيير"، إذ ثمة محاولة "للتضحية بجناح معيّن داخل النّظام، وكل هذه التعيينات تخدم هذا الهدف
ما أثار الشكوك السياسية والجدل الإعلامي حول التغييرات التي طرأت في المؤسسة الأمنية ، الطريقة التي تم الإعلان عنها، والتي جاءت مخالفة تماماً للتقاليد المعروفة والمعمول بها في أوضاع كهذه..
"في الغالب تكون هناك تغييرات في المؤسسة الأمنية عقب كل استحقاق حكومي ، لكن هذه المرة جاءت مفاجئة ومثيرة للاستغراب وعبر قناة خاصة مقربة من السلطة، وليس عبر بيان رسمي في التلفزيون الرسمي أو الإذاعة إلى أن "التغييرات لا تخلو من رسالة سياسية، وتغيير قادة النواحي طوفان عسكري برسائل سياسية. وهو عبارة عن رسالة بأن المؤسسة العسكرية تحت السيطرة.
أن هذه التعيينات "ستساعد الكاظمي في تطبيق سياسته، وتدخل في إطار قلب موازين القوى لصالحه، وتنحية كل معرقل لسياساته، إذ لوحظ أن كثيرا من القرارات التي نفذت في الفترة الأخيرة لا تعكس إرادته، مثل قضية معتقلي البو عثية".
النقاش السياسي في العراق حول التغييرات الأخيرة في المؤسسة الأمنية يتخطى التغيرات العسكرية إلى رغبة الكاظمي الذي يسعى للسيطرة على مجمل مقاليد المؤسسة العسكرية وإبعاد بعض القيادات التي قد تكون مواقفها مشوشة تجاه مشروع الكاظمي غير مضمونة بشأن ذلك أو تجاه المؤسسة العسكرية نفسه وتنافسه على مجالات النفوذ.
لا اعتبر أن "القيادات العسكرية التي تمّت إزاحتها من مناصبها قد تكون لها مواقف مناوئة للكاظمي "، مشيراً إلى أن "من تمّت إزاحتهم لا يمكن وصفهم بخصوم الرئيس أو قائد أركان الجيش، لأنهم أقل رتبة من هذا الأخير وكلهم برتبة اقل من الكاظمي . ونحن نعرف جيداً التسلسل الهرمي للرتب بالنسبة للنخبة العسكرية عكس نظيرتها السياسية.
لا تزال مؤسسة تابعة للحشد الشعبي لا تقل عن قيادة النواحي لم يمسسها التغيير، وهي بعيدة عن الضوء ووزنها ثقيل، وهي الالوية الحشد الشعبي ، إذا علمنا من يترأسها قادك لا يقل وزناً عن الفياض ". وينظر فالح الفياض . وخلال الأسبوعين الماضيين سرت في العراق شائعات عن إمكانية إقالة الفياض من منصبه، وهي شائعات اعتبرها متابعون أنها محاولة من جهة ما في الرئاسة لاختبار ردة فعل قائد أركان الحشد أو التمهيد وتحضيره سيكولوجياً لقرار كهذا.
بعض القراءات بشأن التغييرات الأخيرة في المؤسسة الأمنية ذهبت في اتجاه قد يبدو بالنسبة للكثيرين مستبعداً، يتعلق بمحاولة الكاظمي السيطرة بالكامل على القرار داخل المؤسسة الأمنية ، واستبعاد كل الكوادر التي يعتقد أنها قد تنافسه، خصوصاً أن التغييرات مست قيادات عسكرية بارزة في الحشد الشعبي ، ، الذي أشرف على تحرير مناطق تحت السيطرة داعش . وإذا كانت بعض التحاليل قد ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، بشأن إمكانية وجود طموحات شخصية في ترشح لولاية ثانيه ، ومحاولات استبعاد قوئ الحشد الشعبي عن الفعل السياسي المعلن والمباشر والاكتفاء بالدور السابق نفسه كفاعل رئيس في المحددات السياسية للبلاد.
https://telegram.me/buratha