قاسم العجرش ||
بالأمس؛ أصدر القضاء العراقي قرارا بتبرئة رافع العيساوي، الذي كان محكوما غيابيا عن عدة قضايا “أدين” فيها بتهمة الإرهاب، وقد “فر” الرجل إلى خارج العراق، هربا من الأحكام التي صدرت بحقه، والتي كان أحدها حكما بالإعدام..
بصرف النظر عن الحيثيات التي بُرَّأ بموجبها قضاؤنا “العادل جدا” ، والذي يتوفر على سمعة نظيفة”جدا ..جدا ..جدا”، السيد العيساوي الذي ربما هو فعلا كان بريئا ومظلوما، إلا أن السرعة التي اتخذ فيها قرار التبرئة، تعيد لأذهاننا صورة القضاء في الدولة العثمانية!
كان قاضي القضاة يجلس في مجلس السلطان؛ على دكة دون الكرسي الذي يجلس عليه السلطان، ووجهه منصرف نحو فم السلطان، مصيخا السمع إلى ما يقوله السلطان؛ الذي أقواله تكتسب قوة قوانين باتة النفاذ، بمجرد خروجها من بين شفاهه التي يقطر منها الخمر، ولا يهم إن كان قد صدر القول عنه وهو في حالة غضب أو نزق، أو خبل سببته قناني الخمر؛ التي لا يخلو منها مجلسه على مدار الساعة، والجواري الحسان يرقصن بين يديه!
صورة القضاء هذه مرت أمامنا ونحن ذاهلون، للسرعة التي برَّأ بها القضاء العراقي، ساحة أحد عتاة الإرهاب في العراق، وتكشف هذه السرعة، عن أحد أمرين، أولهما أن ملف تبرئة العيساوي، ومن سيتبعه من الذين سيُبرَّأون لاحقا، من أمثال المجرم الإرهابي طارق الهاشمي، هي ملفات معدة مسبقا من قبل جهة (سلطانية)، وهذه الجهة تمتلك صولجان النفوذ والقوة في العراق، إلى درجة جعلتها قادرة على “إخضاع” القضاء العراقي، الذي “كنا” إلى ما قبل يوم تبرئة السيد العيساوي، نحتفط له “ببعض” الثقة!
الأمر الثاني، يمر أمامنا أيضا شريط طويل من الأحكام المُسيَّسة، التي أصدرها القضاء العراقي طيلة السبعة عشر عاما المنصرمة، وطبعا منها الحكم على العيساوي نفسه، وعدد كبير من قضايا تبرئة الفاسدين, والأحكام المخففة جدا بحقهم، ونتذكر أحكاما بغرامات “بالخردة” على سراق مليارات الدولارات، والسوداني إنموذجا” ونتذكر أيضا لفلفة كثير من القضايا، التي بمجرد أن نتذكر روائحها، تُخرج أمعاؤنا من فمنا قيئا..!
ثمة موضوع من المؤكد أنه مرتبط بقصة العيساوي في أحد جوانبه..!
الموضوع يتعلق بعملية قيام جهاز مكافحة الإرهاب، بمهاجمة “إخوتهم” في السلاح الذين حاربوا معهم الإرهاب! والقصة معروفة بقيامه في الأسبوع الفائت بمهاجمة نقطة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في منطقة البوعيثة في الدورة قرب بغداد، وما تبعها من اعتقال عناصر النقطة جميعا بدعوى قيامهم بأنشطة”إرهابية” تتمثل بمهاجمة السفارة الأمريكية بصواريخ الكاتيوشا..
القصة لها تداعياتها المعروفة، والتي كادت تعصف بالدولة العراقية برمتها، لولا نزول التعقل والحكمة إلى الميدان، وانتهت القصة بتسليم المعتقلين إلى جهة الاختصاص في الحشد الشعبي.
الذي حدث بعدها أن القضاء العراقي؛ أطلق سراح جميع منتسبي الحشد الشعبي، الذين اعتقلهم جهاز مكافحة الإرهاب لعدم كفاية الأدلة، وأن القضاء قال إنه لم يعثر على منصة إطلاق صواريخ مهيأة لأية جهة في موقع الحادث، ولم يتم العثور على أسلحة خارج الأسلحة المجرودة في لواء 45 ، وأن الموقع محدد ومعلوم لدى العمليات المشتركة.
بلحاظ أن معتقلي الحشد لم تصدر بحقهم مذكرة قضائية، فهل كنا في ولاية بطيخ، وهل إن الذي أمر باعتقالهم هو “السلطان” الأمريكي ماثيو تولر، الذي يمتلك صولجان القوة والنفوذ المطلق في العراق؟
كلام قبل السلام، سؤال إلى القضاء، هل ثمة علاقة بين عملية تبرئة العيساوي وإطلاق سراح شباب الحشد، هل كانت هذه ثمن تلك؟..هل أطلقتم سراح الحشداويين المظلومين لتبرئة ظالم؟ أو بالأحرى هل اعتقلتم أبرياء حتى تمرروا إطلاق سراح مجرم كالعيساوي؟
سلام.
https://telegram.me/buratha