عمار محمد طيب العراقي ||
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: { لو أنّ السماوات والأرضَ كانتا على عبدٍ رَتْقَاً ثمّ اتقّى الله، لجعل له منها مخرجا، ورَزَقَهُ من حيث لا يحتسب}
على دأبنا في تركيز الفكرة، والإبتعاد عن الإسفاف والتبذير في معطاياتنا، نحاول هنا "تنقيط" المواضيع نظرا لتزاحمها، ونترك لقارئنا الحصيف مهمة إعادة ترتيبها، وفقا لأولوياته وقناعاته هو، لا وفقا لقناعاتنا وأولوياتنا نحن ككاتب، الكاتب رسالة، من شاء فليأخذ ومن لم يشأ فليلقها في سلة نفايات عقله!
• قرأت قبل يومين مقالا لأحد كتابنا المهمين، كان عوانه (الدهاء شعرة بين الغباء والذكاء) تناول فيه إطروحة فلسفية تتعلق بموقعية الذكاء والغباء من الإنسان، وإستقرأ الكاتب الحد الفاصل بين هاتين الصفتين الإنسانيتين، متوصلا الى أنهما مختلفتين في المقدمات والنتائج، وعَكَسَ ما توصل اليه على مجريات الأحداث هذه الأيام، وعلى ما تقوم به السلطة من تخبطات، أحسب أنا أن ما قاربه صحيح تماما، إلا أن الدهاء يعني توازن التفكير وفقا للفطرة الإنسانية، وليس مجرد شعرة بين الغباء والذكاء، الصفتان الواقعتان على خط مستقيم هو العقل!
هاكه ماقاله علي (ع): والله ما معاوية بأدهى منّي، ولكنّه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كلّ غدرة فجرة، وكلّ فجرة كفرة، ولكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة، والله ما أُستغفل بالمكيدة، ولا أُستغمز بالشديدةماجرى في ليلة الهرير يوم قام جهاز مكافحة الإرهاب، بإعتقال إخوتهم الذين شاركوهم في محاربة الإرهاب، كان غدرا لا يعلمون أنه غدر، فقد قيل لهم أنه واجب من واجبات مكافحة الإرهاب!
• إبليس (الشيطان الرجيم) العدو الذي حذرنا الله منه، وأمرنا أن نتخذه عدوا، ماهو اسلوبه؟ كيف تكون وسوسته ؟ وما هي طرق الوقاية؟ كيف نقي أنفسنا شره؟!
ابليس اللعين يقارب، يؤالف،يداني، يُزين يُمني، للانسان الذي أمامه ويدُلَه بغرور، وهو مخلوق خلقه الله من نار، وأودع فيه من الذكاء والفطنة وسرعة البديهة، يقيم ويميز الانسان الذي أمامه من ملامح وجهه وتصرفاته، ومن ردة فعله ونفسيته في حالة حزن او سرور، او فرح او غضب او غم او حقد او رغبة انتقام
وهذه صفات موجودة بنسبة ما أيضا عند البشر، وحتى فيمن هم من اهل الفهم والبصيرة، فالانسان يستطيع أن يميز الذي امامه انه في حالة غضب، او انفعال او رغبة لغريزة ما، خاصة إذا كان قد عاشره وعاش معه
بمعنى هي نعمة من الله جل في علاه، قد يستخدمها بعض البشر في الشر، فتنقلب عليهم خسارا ووبالا وشقاءا ولو كانت المظاهر عكس ذلك في الدنيا، وقد يستخدمها بعضهم في الخير؛ فيزيدهم الله من فضله وتأييده وتثبيته دنيا واخره
من خلال ذلك ودلائل الحال يستبين الشيطان، وهنا أعني به "الشيطان الأمريكي الأكبر" ورهطه، بما أضمر في نفس من هو امامه من عجب، اوهم بمعصية، فيباشر عمله؟ ويداني قلبه ويلاصقه ويزين ويوسوس له ويقارب شكل وموضوع وجنس المعصية فعل شكل إيمان بتفوقه وبحسن تصرفه، وبأن الصحيح لايأتي إلا من بوابته، وبالتالي تتحول هذه القناعات الى عمالة مبررة عقليا؛ لدى من أرتكس بالعمالة
• السياسة واحد من أنبل العلوم الإنسانية، هذا في الأدبيات والكتب، ولكن النبل يغادرها في اللحظة التي تنزل فيها تلك العلوم الى ساحة التطبيق، إذ لا تبقى إعتبارات أخلاقية أو قيم ومباديء، ولا تعلو إلا المصالح والمصالح فقط، والمصالح لا تقود أبدا الى صناعة مجد ينتفع منه العامة، بل هو حكر على الخاصة، وهنا ايضا يكمن صراع من يستفيد أكثر من اللحظة!
الحكومة الحالية تشكلت وفقا لهذه التراتيبة الصادقة، لقد كان الساسة صادقين مع أنفسهم، وغلبوا مصالحهم وإرتباطاتهم المشبوهة، وكانت النتيجة هذه الحكومة، بكل ما فيها، وعليهم أن يتحملوا مساوئها وحسناتها، فهم الذين صنعوها (من فوق لتحت)ولا تعذرهم محاولات تنصلهم منها، وهو ليس "دهاءا" أن يتنصلوا، بل تصورهم بأنهم "دهاة"سيحولهم الى أغبياء، وعملاء بالنتيجة!! وقد كشف ذلك موقفهم المخزي الأخير، من قصة اعتقال شبان الحشد في موقع البوعيثة
أنا لم أُسمهم بالاسماء، لكن سيماء العمالة في وجوههم من اثر الخنوع !!
ـــــــــــــــ
شكرا
30/6/2020
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha