المقالات

مصطفى الكاظمي أما تضع الخطة الإنقاذية المطلوبة أو الاستقالة..!  


محمد كاظم خضير ||

 

لا تجد في الحديث عن اداء الحكومة في مقاربتها لحل الأزمة المالية والاقتصادية أي كلام أفضل وأعمق مما قاله ابن خلدون في مقدمته عن السياسة والملك «هي كفالة للخلق، وخلافة لله في العباد لتنفيذ احكامه فيهم؛ واحكام البشر إنما هي من الجهل والشيطان بخلاف قدرة الله؛ فإنه فاعل للخير والشر معاً». وبالفعل يمكن توصيف مضمون الخطة الانقاذية البيضاء التي سربتها وكالات الأنباء العراقية قبل أيام، والتي أثارت ردود فعل رافضة وغاضبة بأنها ضرب «من الجهل وعمل الشيطان»ً.

يبدو أن الحكومة جاهلة ومترددة، ولا تملك أية رؤية واقعية لحل الازمة، بالاضافة الى انها لا تقرأ، حيث اثبتت بأنها عاجزة عن مراجعة السبل والحلول التي اعتمدتها بعض الدول.

لم تجد حكومة مصطفى الكاظمي من وسيلة لإطفاء الخسائر التي منيت بها الدولة عبر ما يقارب ثلاثة عقود سوى استقطاع اموال الموضفين والمتقاعدين   ووضع اليد عليها، بدل البحث من مخرج من خلال طلب مساعدات مالية وقروض طويلة الأمد يقدمها صندوق النقد الدولي.

وكان اللافت انه بنتيجة حجم المعارضة الداخلية لهذا الخيار الوارد في القرارت والتخبطات مجلس الوزراء ، والتي شارك في وضعها عدد من الوزراء والمستشارين فقد عمد رئيس الحكومة الى التبرؤ منها، متراجعاً عن التصريح الذي ادلى به لوسائل الإعلام بعد جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي والذي اعترف فيه بأن الاقتطاع سيشمل نسبة عشرة بالمائة من اموال المتقاعدين  وأصحاب الدراجات العالية . والموقف المستجد لرئيس الحكومة بالتهرب من مضمون القرارت يؤشر إلى مدى تردّد وعجز الحكومة عن وضع خطة إنقاذية واقعية بعيداً عن نهب اموال الناس، والتسبب بهجرة قسرية جديدة، للعراقيين ، حيث لن يكون من السهل استعادة الثقة بالنظام العراقي لعقد أو عقدين مقبلين.

إن الرئيس مصطفى الكاظمي ووزراءه مطالبون بالبحث عن رؤية واقعية للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية، وبالتالي إثبات انهم الخبراء والتكنوقراط القادرون على تقديم الآليات والتحفيزات اللازمة لإعادة الرسملة المطلوبة للدولة والمصارف من خلال ضبط المالية العامة واستعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها داخلياً وخارجياً، وفي حال فشلهم في وضع مثل هذه الرؤية العملية الشاملة فإن عليهم الاعتراف بفشلهم وبعدم كفاءتهم للمهمة التي انتدبوا من اجلها.

في رأينا، يمكن للحكومة اذا تحررت من كل الإلزامات السياسية المفروضة عليها من قبل القوى السياسية المشاركة فيها ان تنطلق من جديد في اجراء عملية تقييم للمراحل والاسباب التي تسببت بتراكم الدين العام   ، والخروج بالتالي برؤية شاملة، مع جدول اولويات متدرج لما يمكن عمله من اجل اعادة رسملة الخزينة والمصارف. ويمكن ان تشمل مثل هذه الرؤية والأولويات الخطوات الآتية:

أولاً: العمل على استعادة اموال المصارف والأموال الخاصة التي هربت الى خارج العراق من قبل المسؤولين العراقيين و استعادتها كأولوية لتأمين السيولة المالي

ثانياً: إصلاح الموازنة العامة وتخفيض كل ابواب الهدر، لا بل اقفالها ووضع موازنات لثلاث سنوات متتالية، كخطوة اساسية لاستعادة الثقة بقدرة وتوجه الحكومة على التوصل الى عجز صفر وبالتالي إظهار نيّة وقدرة الدولة على سداد ديونها في المستقبل.

ثالثاً: إعادة هيكلة الدولة وترشيقها، وتنشيط جميع مؤسسات الرقابة، والتخلص من فائض الموظفين، وتعميم الحكومة الالكترونية على جميع مؤسسات وإدارات الدولة، كخطوة أساسية على طريق تفعيل المعاملات ومنع الرشوة والفساد. ولا بد من العمل على إقفال كل الصناديق وإلغاء الإدارات غير اللازمة.

رابعاً: إعادة هيكلة الدين العام من خلال الاستعانة بصندوق النقد الدولي والحصول على دعمه المالي وضمانته للرسملة ولضمان مسار خطة الهيكلة، وذلك من خلال الالتزام بالشروط الإصلاحية التي ينصح بها الصندوق.

خامساً: العمل على استعادة الأموال المنهوبة من خلال تحقيق استقلالية القضاء وتفعيله، وتشريع القوانين اللازمة لتخفيف هذه الغاية.

سادساً: تكليف شركة دولية لتدقيق كل حسابات الدولة والإدارات الرئيسية المهمة كخطوة اساسية على جمع المعلومات عن الاموال المهدورة او المنهوبة وتحديد الجهات المسؤولة عنها.

سابعاً: انشاء صندوق سيادي، يتشكل رأسماله من بعض قطاعات الدولة واملاكها، واصدار اسهم يمكن تمليكها للمؤسسات وللافراد، ومن ابرز هذه القطاعات: المواصلات، والكهرباء، والموانئ،.

ثامناً: الدعوة لحوار وطني برعاية رئيس الجمهورية من اجل سد كل الثغرات في  الدستور من اجل تفعيل عمل مؤسسات الدولة الاساسية، والبحث في وضع استراتيجية دفاعية تستبعد الدولة من خلالها كامل سيادتها، وبما يؤهلها لاستعادة موقعها ودورها داخلياً وعربياً ودولياً.

تقضي الضرورة البدء فعلياً لا بل تسريع إصلاح وضع الدولة وتفعيل عملها بدءاً من تأمين استقلالية القضاء، واطلاق التشكيلات التي وضعها مجلس القضاء الاعلى وتسريع عملية التعيينات المالية والادارية اللازمة.

سيؤدي وضع مثل هكذا رؤية إنقاذية والبدء بتنفيذها الى استعادة ثقة الشعب ، وحثهم على تقديم كل الدعم والمساعدات المطلوبة للنهوض.

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك