قاسم العجرش ||
يخطىء من يعتقد أن الأمور ستسير وفقا لإرادة الشعب، أو أن مآلات الأحداث ستكون منسجمة مع مطالب المرجعية، بإصلاح العملية السياسية ومخرجاتها، عن طريق انتخابات مبكرة، ونظام انتخابي عادل، تجريه أياد نزيهة..فأي من هذه الآمال سوف لن يتحقق أبدا، لأن مجريات الأحداث ومعطياتها، لا تنسجم مع الأماني أبدا..
تظاهرات تشرين من العام الماضي، التي كانت قد صُممت ونفذت بإشراف أمريكي مباشر، كان هدفها إعادة كتابة التأريخ الثوري العراقي بأياد صهيوأمريكية، وما لبثت ماكنة الإعلام الأمريكي الضخمة، والتي فتحت لها فروعا كثيرة على أرض العراق، أن حولت حسوني الوسخ وعبسكلة الدودي، وعكروكة والنتن والترتري، ومعه السكير والمكبسلجي واللوطي وتاجر المخدرات، وبنات الليل والغانيات والمومسات، إلى رموز ثورية، مثلما تحولت آلة نقل كالتكتك، التي تحط من كرامة من يستخدمها، إلى آلة تركبها ممثلة الأمم المتحدة في العراق، لتتحول إلى فرس صهباء؛ يمتطيها فرسان التحرير المخمورين..
ترميز جديد لمفاهيم الوطن والمواطنة والوطنية؛ يبنى الآن وعلى وجه السرعة، قبالة المجد التليد للشعب العراقي الحر، وهكذا تحول الوطن إلى قنينة خمر وخيمة دعارة، والوطنية إلى هدم للقيم والأخلاق وتعليق لصبي على عمود كهرباء، وأصبحت حقوق المواطنة؛ تعني اقتحام مرقد ديني وإحراقه، والدخول عنوة إلى دائرة رسمية صحية، لإجبار طبيب جليل يديرها؛ على الاستقالة تحت تهديد السحل، أما الوطنية فقد وجدت تعريفا جديدا لنفسها، بعودة المجرم المدان رافع العيساوي، مكللا بالغار مستقبلا بالأحضان، كفاتح عظيم تكريما له، على جرائم القتل التي أرتكبها وأمر بها، و”إنصافا” لتنظيمه الإرهابي”حماس العراق” الذي فعل ما فعل أيام المحنة الطائفية..!
صياغة عراق جديد وبعين أمريكية؛ تجري على قدم وساق، ومصرع الشهيدين قادة الانتصار لم يكن رسالة”STOP” للقوى الإسلامية في العراق فحسب، ولا هو تطور تصعيدي خطير منعزل، في الصراع الأمريكي مع إيران، بل هو أيضا رسالة إلى المرجعية الدينية في العراق، أن انشغلي بالدرس والتعليم الديني فقط، وحتى هذا الانشغال يجب أن يكون في غرف عديمة التهوية، حتى لا يتأثر المجتمع بالقيم الدينية، وإياكم أن ترفعوا عيونكم عن الكتب!
مآثر ثورة العشرين التحررية؛ كانت مجرد تمرد عشائري قبل قرن من الزمان، ومحمود الحفيد نزل أثناءها من ذرى كَلالة إلى جنوب الله، فقط ليشرب القهوة في مضيف الظوالم في الرميثة، وانتفاضة العراقيين ضد معاهدة بورتسموث، كانت تحركات صبيان في الثانوية، و”دكة” رشيد عالي ضد الأنكليز في الأربعينيات، كانت عمالة لألمانيا ودول المحور..ومقبرة الجيش العراقي في جنين في فلسطين، كانت نتاج مغامرة لحرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل.. والاجتياح التركي لشمال العراق الآن، وتجوال جنود أردوغان في دهوك، حق طبيعي يكفله تأريخ الدولة العثمانية في العراق..وإيران بره بره وبغداد تبقى حرة حرة..!
الدكتاتورية الديمقراطية أسلوب للحكم، تدار فيه الأمور داخل الغرف المقفلة، لصناعة القرار العراقي، للترويج إلى فرية أن الشيعة فشلوا في الحكم، والحقيقة هي أن الشيعة لم يحكموا قط، بل كانوا محكومين بشِراك “الشراكة” السياسية، حيث كردي يأخذ ولا يعطي، وتهديد بانفصال صوت عليه باستفتاء عام, أتُخِذَ بقرار لا رجعة فيه، وهو قرار شارك باتخاذه رئيس جمهورية العراق الحالي وبقوة، ومحكومين أيضا بشريك سني شعاره الدائم؛ أما أن أكون أنا الحاكم الأبدي، أو لا منام لكم أيها الشيعة وسط أسركم..
شخصيات مثل؛ محمد يونس الأحمد، وخضير المرشدي، ومحمد حمزة الزبيدي، وناظم كزار، وسعدون حمادي، ونعيم حداد، ومحمد سعيد الصحاف، وقائد حسين العوادي، وراضي حسن سلمان، وحسن علي العامري، ومحيي عبد الحسين مشهدي، وعدنان الحمداني، وعبدالله فاضل، وبدن فاضل، وصلاح المختار.. وغيرهم من الذين "خدموا" في الصفوف الأولى للنظام البعثي المقبور، كانوا من أسر شيعية، ولكنهم غيروا مذهبهم إلى العقيدة البعثية، ولم يكونوا شيعة إلا بالاسم..
كلام قبل السلام: اليوم يجري العمل على إنتاج طبقة سياسية شيعية الأسم، أمريكية الهوى والعقيدة والتصرف، على قاعدة الدكَمة والمعطف,,وهذا ما هو حاصل ..!
سلام..
ـــــــــــــــــــــ