لعل من المفارقات العجيبة في نظامنا السياسي ، والتي تعتبر ظاهرة لامثيل لها ان الجلاد الذي يدان بجرائم واضحة وجلية ويتبجح بجرائمه امام الاعلام دون خوف او تردد ، وبعد مدة من الزمن يصبح سيدا ومناضلا ويسوق اعلاميا بانه مظلوم ومعتدى عليه ، ويوجه اللوم الى الضحايا ومن وقع عليهم الظلم بان تقطع رواتبهم مرة ، ويظلمون بحقوقهم مرة اخرى ، ويفسقون بالاعلام ويتحولون الى مخربون يجلبون العار للوطن لانهم يطالبون بالاقتصاص ممن ظلمهم والوطن يريد سلاما يتساوى فيه الجلاد والضحية بحسب نظرية الاعلام العراقي الماجور . فمنذ سقوط النظام والى اليوم تشكلت جبهة قوية فيها اركان متعددة واهم اهدافها هو تمزيق الوطن والانتقام ممن يعتقدون انهم سببا لسقوط ذلك النظام وكذلك منع الاغلبية السكانية في العراق من نيل حقوقها السياسية التي حرمت منها لعقود من الزمن ، وهذه الجبهة اجتمعت فيها الارادات المحلية والاقليمية والدولية ، وتشكلت اركان هذه الجبهة من العصابات الارهابية بمسمياتها المختفة ، القاعدة مرة وداعش اخرى ولاندري ماذا بعد داعش من جهة ، وكان لها حضور سياسي فاعل عبارة عن شخصيات سياسية تعمل ضمن اطار الدولة نهارا وضمن صفوف داعش ليلا ، ومهمتها عرقلة القوانين والقرارات والدفاع عن متبنيات العصابات الارهابية وتسهيل مهمتها لوجستيا ماليا واستخباريا من جهة اخرى ، وهؤلاء السياسيين انضووا تحت مسميات كتل مختلفة ولكن ارتباطاتهم عادة ماكانت مرتبطة بالعامل الاقليمي والدولي لتنفيذ اجنداته واهدفه وخططه التي لاتختلف كثيرا عن اهداف العصابات الارهابية بل لا تتقاطع معها في كثير من الاهداف، ومن جهة ثالثة فان احد اركان هذه الجبهة هو ماكنة اعلامية مدفوعة الثمن سخرت لها امكانيات واسعة لخلق راي عام دافع ومساند لكل متبنياتها وخططها ، ولانريد الاسهاب في استعراض قضايا باتت مفهومة لدى الكثر من الاوساط المثقفة والواعية ولكنها ملتبسة على طبقات واسعة من المجتمع ، وما يهمنا اليوم هو تسليط الضوء على عودة احد اعمدة العمل السياسي الداعشي في العراق وهو رافع العيساوي الذي عاد للعراق فجأة و بدون مقدمات لتبدا التبريرات السياسية والاعلام المجامل والماجور لتبييض صورته وتلميع موقفه وتبرئة ساحته من التهم اعلاميا قبل تبرئته قانونيا ، وذلك لتهيئة الاجواء للقبول ببراءته لكي لا تكون هناك ردة فعل مضادة ، لقد تعود العراقيون على الصفقات في الاجواء المظلمة وقد سبق العيساوي تبرئة الدايني ومشعان الجبوري والمطلك وتحولوا بقدرة العاملين تحت جنح الظلام الى مظلومين بعد ان كانوا ظالمين وقتلة وارهابيين ، ان الوضع العراقي الان وفي ظل هذه الحكومة التي باتت اهدافها واجنداتها واضحة ومكشوفه ، اصبح يسير باتجاه تسيد القتلة والمجرمين مجددا على ارواح ومقدرات الشعب ، وتحويل الجلاد الى ضحية والضحية الى مجرم وقاتل وسببا من اسباب مصائب الوطن ، اذ لم يمضي شهران من عمر هذه الحكومة وبدانا نلمس القرارات الجائرة والتحركات التي لايفهم منها الا ماذكرناه ، والامر الاعجب هو سكوت بل خنوع الكتل السياسية المحسوبة على الطبقات الفقيرة والمظلومة ، اذ لاموقف واضح لحد الان على مايجري الا من بعض الاطراف بمواقف خجولة وتبدو معزولة ولا اثر لها تجاه هكذا قرارات وتصرفات حكومية خطيرة ، لذلك وبعد ماجرى من عودة العيساوي وما يتوقعه اغلب المراقبين من ان هناك ضمانات لتبرئته تجعلنا لانشك بان الدور بالعودة سيكون للهاشمي وسوف لن تطول الايام لعودته معززا مكرما وليشرب ابناء الضحايا من البحر . 19/ 6/ 2020
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha