عبد الحسين الظالمي ||
الانظمة الشمولية خطرة في وجودها ولاتقل خطورة في الاثار التي تلي زوالها لما تمارسة من اساليب تترك اثر في نفوس الشعوب التي تهيمن عليها ، لذلك لجئت اغلب الثورات والحكومات التي تلت الانظمة الشمولية في العالم الى سن قوانين تعالج مخلفات واثار هذه الانظمة ، من قبيل قوانين العادلة الانتقالية التي تنصف ضحايا هذه الانظمة ماديا ومعنويا او قوانين معالجة افكار وشخوص هذه الانظمة والامثلة كثيرة في هذا المجال ( في المانيا في رومانيا في يوغسلافيا في ايطاليا في ايران في جنوب افريقيا ).
يعتبر نظام البعث والذي هو بالحقيقة نظام صدام لكون الاخير قد شخصن الحزب واصبح هو الحزب والثورة بل شخصن البلاد والعباد وكما يقولون ( اذا قال صدام قال العراق ) لذلك يعتبر من اكثر الانظمة الشمولية في اواخر القرن العشرين في منطقة الشرق الاوسط .
بعد زوال نظام البعث في 9/4/2003 صدرت مجموعة من القوانين التي تعالج اثار النظام البعثي منها قوانين العدالة الانتقالية وقانون اجثاث البعث الذي يشمل اجثاث ازلازم النظام
من هيكل الدولة العراقية الجديدة وبعادهم عن اي مسؤولية بالاضافة الى تحديد الممتلكات والاموال التي حصلوا عليها من الدولة بشكل غير مشروع ومحاكمة المجرمين منهم ، هذا القانون رغم اهميته ولكنه خضع كما هو الحال في بقية القوانين الى المزاج السياسي والمحابات والمجاملات وبدء الخرق لهذا القانون من خلال ما صدر من اوامر من اعلى القيادات في الدولة العراقية من استثناءات
لبعض من شملهم القانون ويوم بعد يوم تتوسع مساحة هذه الاستثناءات ليتسلل من خلالها كبار المسوولين في حزب البعث وخصوصا الضباط الى مواقع مهمة جدا في هيكل الدولة الجديد حتى اصبحوا واقع حال مسيطر في بعض المواقع تحت ذرائع الحاجة الى خبرتهم او تحت ذريعة المصالحة الوطنية ومراعات للتوازن الطائفي او المجاملات او القرابة وتقريبا وصلنا الى حد الاعلان عن عفى الله عما سلف لولا وجود العدد الكبير للضحايا الذين لازلوا يعيشون مرارة ما فعل بهم ازلام النظام لذلك وقفوا سدا في وجه من يريد الغاء هذا القانون والتي تتعالى الاصوات في فترات متعدده تطالب في الغائه، حتى اصبح القانون في الواقع مطبق فقط على صغار البعثين اما الكبار فهم اما هارب ولا يمكنه العودة لحجم جرائمة او تسلق بطريقة ما الى مفصل من مفاصل الدولة ومنها السلطة التشريعية والتنفيذية والامنية وقد توج هذا الاستثناء عندما نجحت الاطراف الاخرى بمساوات الجلاد مع الضحية في الحقوق وبذلك اقر قانون السجناءوالشهداء والمحتجزين وهو يساوي بالمقابل بقبول منح رجال النظام السابق الحقوق التقاعدية والتي تفوق عشرات المرات ما يستلمة الضحايا .
نعم قد نعترف ان الحكومة قد ذهبت مذهبا غير سليم في تقدير الحقوق المطلوب منحها بشكل عادل لمن ضحى سجين كان او شهيد او مهاجر
من رفحاء ومن غيرها ولم تكن الحكومة منصفة عندما وضعت الكل في سلة واحدة فمقابل اقرار هذا القانون منحت حقوق كبيره جدا لاعداد مهولة من اتباع النظام ، والغريب في الموضوع ان النقمة الشعبية الموجهه ضد استحقاق الضحية دون شمولها للاطراف الاخرى
لا من حيث العدد ولا من حيث النوع ولاحيث مقدار هذا الاستحقاق فالذي يطالب بالغاء رواتب رفحاءوالسجناء يسكت عن عمد عن رواتب من منحوا نفس الرواتب الى الاطراف الاخرى وبهذا اختل حتى ميزان المساواة بين الضحية والجلاد .
ومن هنا نقول ان التهاون في تطبيق قانون اجثاث البعث فكرا وشخوصا لمن يستحق ذلك وفق القانون بدون ظلم او محابات وتميز قد تجاوز مداه ليصل الى اجثاث الضحية بدل الجلاد ، واذا كانت هذه المرة القضية محصورة بالمستحقات المادية والمعنوية فاننا نتوقع ان تطبيق قانون اجثاث البعث سوف يطبق بكل فقراته ولكن ليس ضد البعث وافكارة وشخوصة بل ضد الضحية شخصيا ومعنويا ومستحقات
والمختلف في هذه المرة سوف يطبق الاجثاث بشكل دقيق جدا ضد كل من يحمل توجها اسلاميا مقاوما ثم لكل من اسمة في الجنسية مسلم وربما نعود الى مقترح قديم
في زمن النظام يدعو الى رفع الديانة من الجنسية .
لذلك لا نستغرب من ما نسمع من نداءات
حول الاجثاث بشكل مبطن سيطر على عقول البسطاء ولكن لغير الجهة المقصودة بالقانون بل لجهات اخرى ربما سوف نشاهد ونقرءاسما ئها واردة في فقرات التعديل الجديد القادم للقانون وخصوصا في اسم القانون وعنوان المؤسسة المعنية بذلك وكامثال ( المجرب لايجرب ، كان مسؤول في الحكومة ، كان عضو بالمجلس الفلاني ، كان مجاهد مع الجهة الفلانية ، كان في الحشد ، منتمي للحزب الفلاني ، هذا ذيل وتابع ) والقضية على هذا المنوال هي مجرد قضيةوقت ومقدمات لا اكثر وربما كلمة حق يراد بها غير ذلك ، بحجة الفساد والفشل بل نفس تعميم الفساد والفشل ليشمل لكل العاملين هو خطوة باتجاه ما ذكر اعلاه بدليل انها تستهدف طائفه معينة دون الاخرى وتحرك مساحات دون اخرى رغم ان المساحات كلها مشابهة .
وحتى الذين يرون انه يجب الانتهاء من هذه القضية ومغادرتها سوف يرون بام اعينهم انها سوف تعود ولكن بشكل ولباس اخر وللعلم ان الاجثاث الجديد سوف يخطا من يتصور انه يقف عند حدود معينة لاسماء معينة فلا احزاب اسلامية والا شخوص اسلامية ولامرجعيات دينية ولا مقدسات دينية والسبب في عدم الافصاح الان والتركيز على فئة معينة هو لوجود تاثير لتلك الجهات في الشارع ربما سوف يقلب الامور اذا تم الافصاح عن المستهدفين لذلك اكتفوا اليوم بالتلميح دون التصريح وستهدفوا فئات محددة ولكن غدا سوف يكون التصريح اوضح واشمل ولات حين مندم .
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha