عمار محمد طيب العراقي ||
يقول مارتن لوثر كينغ: (لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلاّ إذا كنت منحنياً)
بدءا وإمتدادا لمقالاتنا السابقة، التي كرسناها لبحث العلاقة مع الأمريكان، والتي آخرها مقالنا الموسوم (نحو عراق بعيد عن كير الحداد..!)
http://burathanews.com/arabic/author/115، والذي خلصنا فيه الى حقيقة أن التفاوض مع "العدو" الأمركي، أمر لابد منه؛ إذ تفرضه وقائع الأحداث وحقائق الميدان، لذلك فإن من الطبيعي أن تجري مفاوضات بين "المتخاصمين"، حتى لو كانوا جيوشا متحاربة.
بيد أن التفاوض المرتكز على أسس سليمة؛ يجب أن تحدد فيه الأطراف المتفاوضة، الملفات والمواضيع التي يتعين عليهم التفاوض حولها، وهو ما يجب تحديده قبل المفاوضات، بالطرق الدبلوماسية إذا كانت بين الأطراف علاقات متبادلة، وبواسطة وسطاء موثوق بهم من الطرفين، إذا كانت العلاقات منقطعة أو متأزمة، إلى حد يصعب فيه التواصل، وهذا ما نفترض بالحكومة العراقية؛ أن تكون قد فعلته وأعدت له العدة.
عراقيا ذلك أمر نشك كثيرا بتحقيقه؛ على نحو سليم ومتكامل، نظرا لما يمر به العراق من أوضاع سياسية مضطربة، ونظرا لأن الحكومة الحالية قد إستلمت أعمالها للتو، ولم تلحق بعد أن تحدد أولوياتها، وإذا يقول قائل أن الحكومة العراقية الحالية إمتداد طبيعي للحكومة السابقة، وأنها ستستكمل ما بدأته تلك الحكومة والحكومات التي سبقتها مع الأمريكان، بشأن مستقبل العلاقة معهم، فإن الرد هو أن العمل المؤسساتي غائب عن العراق برمته، ليس الآن بل منذ سبعة عشر عاما!
لمقاربة هذا الشأن الشأئك والخطير، امامنا مساران يتعين علينا أن نسلك أحدهما أو كلاهما معا، فأما أن يصار الى تأجيل المفاوضات، الى وقت يستكمل المفاوض العراقي أدواته، أو أن يدخل المفاوضات مدججا، بجيش من المستشارين النزيهين المخلصين، الذين يمتلكون معارف ومعلومات ومهارات، تعينه في مواجهة المفاوض ألأمريكي، الذي من الواضح أنه على جهوزية تامة، وقد تأيد ذلك من خلال التعرف أسماء الوفد الأمريكي المفاوض، الذين يمتلكون خبرات كبيرة، لا تتوفر لدى نظرائهم العراقيين، فضلا عن أنهم هم الذين دعوا الى التفاوض، ومعنى هذا أنهم حددوا مسبقا على ماذا سيتفاوضون!
يوم 11/حزيران الجاري، ستبدأ الجلسة الأولى من المفاوضات عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، والوضع مختلف تماما عنه؛ لو كانت المفاوضات وجها لوجه، ناهيك عن أن هذا يعني أن أهمية المفاوضات قد تدنت، وهو ما يعيدنا الى أن الأمريكي؛ قد حولها فعلا من مفاوضات الى حوار، وهنا لا يشترط بالحوار أن يثمر عن نتائج محددة، بقدر ماهو عملية "تداولية" بين "حبايب"!
الأمريكي غير مستعجل من أمره، وهو صمم أمره على قاعدة الإستثمار في الوقت، فهو يريد تطويع الزمن لصالحه، ولذلك نتوقع ليل وعتابة، بل ومواويل حاتم العراقي!
الأطراف السياسية العراقية وبإيحاءات أمريكية، تطالب أن تكون ممثلة في المفاوضات، وهذه بدعة جديدة في السياسة، عمل الأمريكي عليها طويلا، وستعطيه هذه البدعة ذريعة جاهزة، اما لإيقاف المفاوضات، أو لعدم الإعتراف بنتائجها، أو على الأقل التملص منها، وسيقول أن هناك مصالح للمكونات يجب أن تراعى، وستفتح بوابات التدخل الأمريكي بالخصوصيات الخاصة جدا..ما يعني أن الأمريكي؛ سيبقى بقواته في العراق الى ما يشاء، لحماية المكونين السني والكردي، وباقي المكونات من "الجبروت" الشيعي، وسيتذكر الكورد الأنفال وحلبجة، وسيكرر السنة إسطوانات "المغيبين"، وسيطالب مجددا بـ"الثلاجة" التي سرقها الحشد الشعبي!
الأمريكي المشبع بعقلية الإستعلاء والتغالب؛ ليس في ذهنه بناء منظومة تعاون حقيقي مع العراق، وإن كان سيتحدث في ذلك، لكنه حديث يركب السحب التي تمطر أو لا تمطر، وإذا أمطرت فيجب أن تمطر في تل أبيب!
في خلفية المشهد؛ ستكون جنرال اليكتريك ولوكهيد وهاليبورتن، وغيرها من الشركات الأمريكية؛ جالسة في المقاعد الخلفية، وستوجه المفاوضات بخيوط يمسكها، رجال من بلاك ووتر!
إيران ومحور المقاومة والحشد الشعبي، ستكون عناصر لموضوع واحد حاضر وبقوة في إطروحة الأمريكي، وسيكتفي أعضاء الوفد العراقي بهز الرؤوس، واقصى ما سيقولونه هو(مو..يعني..أأأأأ، مممم،)!
في الخلاصة، ومع أن الوفد المفاوض العراقي تلوكه الألسن بالسوء، ومع أن عديد منهم أنصاف عراقيين، لكننا ولحسن نيتنا، نثق بهم وبالبقية المتبقية من عراقيتهم، والسيد الكاظمي اليوم رئيس وزراء العراق، وليس ناشط مدني أو إعلامي قريب من واشنطن، ولذلك فإن المفاوضات مع الامريكي، ستكون إمتحان وطني لنجاح الكاظمي او الخسران!
وضع البلد ينذر بالانفجار.. لهذا هنا يصح قول مظفر النواب:
عين الذيب عيب اتنام من تصوفر الحيه..!
شكرا
10/6/2020
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha