عمار محمد طيب العراقي||
كنا قد كتبنا ونشرنا عدة مقالات؛ تناولت مستقبل العلاقات العراقية الأمريكية، وتوصلنا في آخر هذه المقالات، والذي كان يحمل عنوان (كيف نحسم أمرنا مع الأمريكان؟! )، والمنشور بالرابط http://clay-boards.com/archives/24132، الى أنه إذا تعين علينا أن نجلس مع "العدو"الأمريكي الى طاولة مفاوضات؛ حول مستقبل العلاقة معه، فيجب أن يكون جلوسنا على قاعدة "الندية"، لأن "العدو" الأمريكي لم يتصرف لحد الآن خلافا لهذا التوصيف، وفشل فشلا ذريعا في ان يتحول الى التوصيف المضاد، وهو وصف "الصديق"..
في قاموس الإستراتيجية الأمريكية؛ المعتمد من قبل مختلف الإدارات الحاكمة لهذا البلد، الذي لم تتكون لدى قادته، تقاليد علاقات إنسانية متوازنة مع الآخرين، وتصرف هؤلاء القادة مع العالم؛ وفقا لعقيدة إستعلائيه تغالبية، وأعتُنِقَت هذه العقيدة الشريرة بشكل راسخ؛ إبتداءا من آباءه المؤسسين، الى آخر حاكم أحمق يقوده الآن الى الهاوية..
النتيجة أن هذه العقلية خلقت لأمريكا مليارات "الأعداء"؛ المنتشرين على كل مدارات الكرة الأرضية، الشمالية لخط الإستواء والتي تقع الى جنوبه، وبضمنها طبعا القارة الأوربية، التي تبتعد يوما بعد يوم عن أمريكا، وتحاول جاهدة التخلص من الآثار السيئة للعلاقة مع الأمريكي، أو على الأقل تحاول تجنب شروره..
صورة أميركا في العالم؛ هي صورة الدمار، صورة القنابل النووية التي ألقيت على اليابان، هي العصي والجلاد، هي الكلب البوليسي الذي يلهث لافتراسك متى ما تم تشميمه رائحتك، أنها تمساح يفتح فكيه لإفتراس الشعوب متى ما شم الدماء..أميركا ومنذ تأسيسها أساس الشر، وأساس الدمار أساس الانصهار الحالي، كلما حطت في مكان فمن المتيقن أن هناك سيحل الدمار.
أميركا آفة تنتشر في العالم إنتشار النار بالهشيم،. حطت في أفغانستان فعاثت فسادا؛ حلت في العراق فولدت الفوضى ووصلنا الى ما وصلنا اليه من بؤس وشقاء، وإختلاف وتناحر، وجعلتنا نكتشف أننا مجرد "مكونات" وليس شعبا هو الأعرق في أقدم مكان في العالم. أميركا حطت في لبنان فأولدت "الفرقاء"، نظرت إلى السودان فزادتهم جوعا، وفي فلسطين تغذي الذئب ليفترس النساء والأطفال، ثم إعترف الإمريكي بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ناهيك عما تفعله في أوروبا الشرقية من انتفاضات بأمر المال، والحصارات الاقتصادية على الدول الممانعة، أنها الشيطان الأكبر كما أسماها السيد الخميني (قده).
أمريكا اليوم وخصوصا في عهد إدارة ترامب؛ باتت مثل كير الحداد، الذي يجب عدم الإقتراب منه، إذ لا تأمن إثنين له، السخام الذي سيتلف ملابسك، والشرر الذي سيحرقك أو يحرقها.. لذلك تواجه الولايات المتحدة، مصاعب أمام تحسين صورتها في العالم، حتى بعدما أشاعت تبنيها شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث استمرت المشاعر المناهضة للسياسات الأميركية، في مناطق مختلفة من العالم.
إن صورة الأمريكي البربري القاتل، الذي ينشر الموت في كل الجهات ستظل هي الغالبة على أذهاننا وواقعنا إلى أن يتم اتخاذ خطوات من شأنها تصحيح ذلك عملياً وليس إعلامياً.
مخطئ من يقول؛ بأن الإدارة الأمريكية تتعامل حسب مصالحها، أبدا؛ إنها تتعامل وفقاً لمصالح اللوبي اليهودي، الذي يمتلك مفاصل السيطرة؛ على كافة مراكز صنع القرار السياسي والاقتصادي الأمريكي.
ثمة مثال ناصع عمن بنى وطنه بدون أمريكا، وعمن عاشوا في الكنف الأمريكي، هاهي السعودية ودول الخليج ومصر؛ مرتهنة الإرادة بإقتصاديات محطمة، تعيش وتحيا بالتوجيه الأمريكي ومن سيء الى اسوأ، وها هي ايران نأت بنفسها عن أمريكا والعلاقة معها، لكنها الآن بلد بدولة قوية ونظام محكم، وكرامة وسيادة غير منقوصة، جيش قوي، شعب موحد، مكتف ذاتيا، على الرغم من أنها تحت الحصار الأمريكي منذ أكثر من أربعين عاما..
نحن في العراق يجب أن نفكر بمستقبل العلاقة مع الأمريكي، بمنظار مصالحنا لا من منظور المصالح الصهيوأمريكية..
شكرا
8/6/2020
ـــــــــــــــــ