حافظ آل بشارة ||
الامام الخميني قدس سره حالة فريدة في تأريخ ظهور القيادات التأريخية ، فقد توحد اسمه مع نهجه ولذلك كان رحيله قد منح ثورته قوة بقاء مذهلة ، الامام في حياته اجتاز كل عوائق التقدم التقليدية السائدة ، وطنيا اجتاز ايران ليكون رمزا لكل العالم الاسلامي ، دينيا اجتاز الاسلام الى المحيط الانساني الاوسع كرمز لكفاح المستضعفين ، مذهبيا اجتاز التشيع ليكون رمزا لثورة الاسلام وخلوده وعصرنته المستمرة ، ومدرسيا اجتاز الحوزة ليكون عالما ومجددا في شؤون السياسة والادارة واقامة دولة العدل الحديثة ، دولة حقوق الانسان والانتخابات والدستور ، ثقافيا عمل الامام على تغيير مفهوم الانتظار المهدوي وجعل الأمة تنتقل الى الانتظار الايجابي الثوري الفاعل في اطار فلسفة التمهيد ووضع حد للا نتظار السلبي والاتكالية والعجز ، هذه الاختراقات الفريدة في الثقافة التقليدية التي انجزها الامام هي التي منحت الثورة الاسلامية البقاء والامتداد والاتساع ، ولكي يكون الامام ونهجه خالدين ، كان هناك مفتاح اخلاقي كبير في شخصية الامام ، انه اخلاص العبودية لله تعالى والفناء في ملكوت حبه والعيش في جنة القرب والعشق الكبير ، العبودية عند العرفانيين من جيل الامام واساتذته هي الوجه الآخر للربوبية في المفهوم العرفاني ، فقد تحققت للامام سطوة على قلوب الناس لانه اكتسب تلك الكمالات السلوكية النادرة التي لا ينالها الا الاولياء ، وهذا درس لكل سياسي فالسلطة ليست طريقا لركوب رقاب الناس بل هي فرصة لتجسيد شخصية الانسان الكامل ليكون مدرسة وابراز القدوة واداء التكليف وخدمة العباد ، فسلام عليه يوم ولد ويوم رحل ويوم يبعث حيا . ان التنافر بين الشيطان والاستقامة هي التي جعلت شياطين الأرض من كل صنف تتحشد ضد الامام مدفوعة ببغض شديد ، جعلت الاستكبار العالمي بكل عبيده الصغار والكبار يشنون حروبهم المسلحة وحروبهم الاعلامية والاقتصادية والثقافية لاسقاط ذلك الولي وثورته ، الا ان الطواغيت هزموا وبقيت الثورة وبقي المنهج ، الا ان بقاء هذه النهضة العالمية مرهون باستحقاق هذه الأمة ولياقاتها الاخلاقية وقدرتها والوعي والتواصل والشجاعة واستحضار البصيرة وفهم مقومات البقاء.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha