الشيخ جلال الدين الصغير ||
مع أني أدرك تماماً أن عدّ العصي ليس كتحمل ضربها، ولكن هذه الهراوات اللعينة يتولد منها صراخ وعويل وأنين وتوسل وتضرع واستغاثة لا يمكن لأي بشر يحمل مقداراً من الإنسانية ومن الغيرة على أي معنى من المعاني الأخلاقية أو الوجدانية أن يتحملها ومن دون أن يهتز كل كيانه لها، لقد كانت تنهش في القلب فتدميه، وتغوص في أعماق النفس وأغوارها فتتمزق لها الذات وتتداعى لها الروح أنيناً وشفقة وحنيناً، فيكون الأنين المتعالي من هذا الذي كان يعذّب له واقع من أنين آخر تبادله رغبة المواساة المكبوتة في داخلي والمقيّدة في إرادتي، لا أعرفه ولم يك يجمعني معه جامع إلا المظلومية والإنسانية، في وطن كان فيه الوطن يستباح طولاً وعرضاً، رغم إن اسم الوطن هو أكثر الحاضرين في شعارات المجرمين، ومع أني قضيت قرابة الساعتين أسمع صراخ هذا المسكين غير أني لم أسمع على ماذا يعذبونه؟ علماً أني كنت أقف إلى الجوار من الشباك المفتوح لغرفة التعذيب، ولم يتردد أي صوت إلى مسامعي يشير إلى سؤال أو استفسار، وإنما كانت ألسن البذاءة على حرفيتها المتناهية وأصوات الهراوة المطاطية وهي تهوي على جسد هذا المسكين تنطق بعهر واستهتار مستمرين بلا أدنى كلل ولا أقل ملل، ولقد كان صوت الصراخ والاستنجاد هو الأعلى، ومعه كان وجيب قلبي يتعالى، وحقيقة كنت أريد أن أحلّ محلّه على الأقل حتى يكون العذاب مرة واحدة، أما أن تسمع لأصوات المعذبين وصراخاتهم، وأنت تعرف تماماً أن الدور سيحل عليك قريباً، فهو عذاب إضافي وما أقساه!، ومع كل صوت للهراوة المطاطية وهي تلاصق جسد هذا المظلوم كان صداه يتردد على جسمي ألماً وتوجّعاً في الأماكن التي جربت هذه الهراوة من قبل، فيما كانت النفس تتقطع بين هذه الأصوات المجنونة، وبين الأنّات والصرخات التي كانت تنطلق مستغيثة، وبين أصوات الشيطان ووساوسه وهو يحاول الإطاحة بما تبقى من سدود صنعتها لكي لا أخضع لاشتراطاتهم، وكلما خفّت وطأتها عاد قوياً معززاً بالتذكير بأن ما تسمعه الآن سيكون بعد قليل صوتك وأنت رازح تحت سياط هؤلاء المجرمين.
كانت الشمس قد بدأت تشتد أشعتها، وطبيعتي الجسمية لا تتحمل الشمس المباشرة على الرأس طويلاً، فلقد سبق أن مررت كثيراً بضربات الشمس التي تؤدي قبلها إلى إغماء لا يأتي سريعاً في العادة، ولكن أعراضه طويلة الزمن نسبياً، وهو ما كان كأنه يسري إلى كل البدن لينتزع الروح منها بألم، ومع خشيتي وتحسبي من ذلك حتى كدت أقول للجلاوزة عن حالتي هذه عسى أن ينقلوني إلى مكان فيه ظل، من دون أن أعرف أن وقوفي هناك إنما يجري ضمن ما أرادوه هم وتعمدوه، وقد زاد في الطين بِلّة عدم السماح لي بأن أتكأ على أي شيء، ناهيك عن الأكف والقبضات التي كانت تسرح وتمرح على وجهي أو بطني كلما مرّ أحدهم من أمامي، ورغم ذلك إلّا أن فكرة طرأت على ذهني آنئذ جعلتني أتمنى أن أصاب بالأغماء، لأنه سيسمح لي باستراحة أكبر من عذاب اليوم، وقد ينقلوني إلى المستشفى مما يعني استراحة أكبر كما عرفت من أحاديث السجناء السابقين، ولكن حتى هذا الذي اعتدت عليه وأصبت به كثيراً، قد ولّى ولم يحلّ بي رغم الساعتين التي قضيتهما واقفاً تحت الشمس!
وفيما كان الصراخ والبكاء مستمراً من غرفة التعذيب، وكان أمرّ ما فيه كلمات التوسل والاستنجاد وطلب الرحمة التي لم تجذ لها أي صدى غير المزيد من التعذيب، إلا أن أفكاري وخواطري من جهة، وتوجسي وقلقي من جهة أخرى، وآلامي المنتظرة فضلاً عن التي مرت من جهة ثالثة، أوصلتني إلى نتيجة كانت قد لعبت دوراً مهماً في تعاملي مع الموقف وما تلاه من مواقف في حياتي، فلقد عدت لعقيدتي عن القضاء والقدر وابتلاء المؤمنين، ومع عودتي كان يجري في داخلي هذا الحوار: إذا كان في التقدير أن أبتلى فالواجب هو أن أتحمل، وإذا كان العدو ــ شيطاناً كان أو بعثياً ــ يريد أن يهزمني فالواجب هو أن لا أعطيه الفرصة لذلك، والحال أن البلاء الإلهي لن يستمر، ومن المحتوم أنه لن يكون فوق طاقتي البشرية، والعدو لن يستطيع أن يستمر فب هذا المجون، فمهما كان سينتهي في يوم من الأيام إلى القناعة بعدم جدوى ما يقوم به، ولا بد أن ينشغل بمن هو أهم مني، وأنا أيضاً لا أتمتع بقدرات خيالية، ولهذا فإن مصير هذا البلاء سائر نحو النهاية حتماً، فإما أن يتعب العدو ويملّ، أو أن ينقضي عمري وينتهي العذاب به، فمهما كان فإن الموت أسهل مما كنت فيه، أو أن الله سبحانه يكتب للبلاء نهاية بأي طريقة كانت، ونتيجة لذلك أحسست بحالة كبيرة من الطمأنينة والسكينة، ومع أن تجربتي وما أفهمه من مسار البلاء الإلهي أن الاستعداد إن حصل فسيتلوه اختبار إضافي في تمحيص جدية هذا الاستعداد! أي أن ما وصلت إليه من استعداد قد أضاف لامتحاني امتحان آخر أنا جلبته لنفسي! فالكلام مع الله جلّ وعلا لا يتحمل الهزل، فما دام أن قراري هو هذا، فعليّ أن أستعد لإثبات مقدار جديتي فيه، ولكن ما أحلى المناجاة وقتذاك مع الله وكلمات الجاهزية: إلهي خذ حتى ترضى! ومع أن روعة تلك الحلاوة لا زلت أتحسس بشهدها إلى يومي هذا، ولكنها تعني في نفس الوقت أن استعد لموجة جديدة من التعذيب، وهكذا كان!
مضى على وقوفي ما يقرب من الساعتين، وحالات الإغماء كانت تزحف مقتربة مني وقلبي يبتدأ بالارتجاف، إلا أنها ما أن تأخذ بوادرها في الهيمنة حتى ترحل! ولا أدري سر ذلك من الناحية الطبية، غير أني أعرف أن المتاح لي في ساحة البلاء أن أمرّ بتجربة التعذيب هذه بكل الأحوال، وأن ما أتمناه لن يتحقق إلا عبر المرور بهذه التجربة، وإن كنت أحتمل أن الأكف المتطايرة وقبضات الجلاوزة التي كانت تتساقط عليّ كل ما مر واحداً منهم لها دور في منع ذلك، لما يتسبب ذلك من رفع لضغط الدم!
ومضى الوقت وخفّ البكاء والصراخ في غرفة التعذيب، ومعه بدأ جبيني يترشح عرقاً، وراحت معدتي تتقلص، وغدا قلبي وكأنه نزل إلى أمعائي، فيما ارتفع صوت نبضاته وتحولت إلى لهاث، فهذا لا يعني إلا أن ساعتي قد حلّت وأزف الدور عليّ لأكون تحت أيدي هؤلاء الوحوش، وبالفعل سريعاً ما كانت صفعة أحدهم تدوّي في أذني وهو يضحك ساخراً: الآن القصاب يريد أن يراك! لفّ عصابة على عيني واقتادني إلى غرفة التعذيب، ومع أن المسافة هي أمتار قليلة لكن خطواتي بدت وكأنها ثقيلة تكاد فيها أقدامي تغوص في داخل الأرض من شدة الخشية من الذي ينتظرني في غرفة التعذيب هذه، ولكن ما أن خطوت داخلها حتى وجدت نفسي أفقد توازني منقلباً على رأسي والشرر يتطاير من عيني بألوان عديدة، فلقد كان الكف الذي تلقيته على صدغي كافياً لإحداث ذلك، وهو كفّ سبق لي أن جربته وأسأل الله ألّا يبتلي أحداً به، وبالمفاجأة التي يحدثها، على أي حال إذا كان الاستقبال بهذه الطريقة فلا شك أن الحفل سيكون صاخباً للغاية ــ هكذا حدّثت نفسي ــ ولم يطل مصعب التكريتي بالحديث عن وجوب اعترافي عن دوري في المؤامرة الإماراتية على الحزب والثورة! وما أن قلت له: أي مؤامرة يمكن أن تستخدم شاباً بعمري، وماذا عساي أن أفعل لها؟ حتى أشرع من فمه أقذر لسان راحت شتائمه تتسابق مع صفعات يديه، وهو يردد: لا تجاوب!!
وعلى أي حال لم تكن الأسئلة التي طرحها ذات نسق منظم فكلها عشوائية تحكي أنهم لا يمتلكون شيئاً من المعلومات، ولكن عجزهم هذا ولّد موجة من العنفوان أبرزت عقدهم النفسية في توجيه مسار فريق التعذيب الذي ما أن تلقى الإشارة حتى شمّر عن ساعد الجد، كان الفريق هذه المرة يستخدم هراوتين مطاطيتين، فلقد كان توالي الضربات سريعاً ومن اتجاهين، إذن هم ثمانية أشخاص، يتناوبون العمل بالتتابع، اثنين لحمل الفلقة ومثلهما للهراوات، ولم يمض وقتا طويلاً حتى تقدمت قدمي اليمنى على اليسرى نتيجة للتلوي أثناء التعذيب فكان غالبية الضرب عليها، ولا يمكن وصف الألم فهو من النوع الذي لا يحسّ به إلّا من يكابده، أما الذي يقرأ أو يسمع فلا أشك أنه لا يستطيع أن يعايش ما كان يجري فضلاً أن يضع من نفسه بديلاً، ولكن لك أن تتصور بعضاً من هذه الحالة حينما تعلم أن مرور ما يدنو قليلاً من نصف قرن على تلك الأيام لم تتمكّن حالة اللا وعي عندي من أن تنسى تلك الصعقة الملتهبة التي كانت تصيب جسمك حينما تتلقى تلك الهراوات، فترتد أعضائك لا شعورياً كي تحمي نفسها، فلا زالت العديد من مناطق الجسد التي كانت عرضة لمثل هذا التعذيب لا سيما القدمين وبالأخص القدم اليمنى تندّ منها ارتدادات لا شعورية إلى الوراء بطريقة متشنجة كمن يصعق بالكهرباء على حين غرة، وكثر ما أوقعتني في حرج مما يطرأ عليّ أمام من لا يعرف!.
أيّاً ما يكن استمر التعذيب من قبل فريقي العمل وقبل تبديل أحدهما بالآخر كان يتخلل عملية التبادل هذه اجتماع الفريقين في فريق واحد في حفلة ضرب جماعية تشترك فيها قبضاتهم وأكفهم وركلاتهم وفي بعض الأحيان عصيهم وقد تستمر هذه الحفلة التي تستهدف إعادة الدم إلى المناطق التي استهدفها الضرب كي تعاود إحساس الألم حتى يتعبون فيعاد وضعك في الفلقة أو يعاد تعليقك على الباب، وهو تعليق له صيغ متعددة، فإما أن يتم ربط يديك من أمام ويتم رفع جسمك قليلاً عن الأرض ويبدؤون بالتعذيب مستهدفين في الغالب منطقة الظهر والأفخاذ، وهذه هي الحالة الأسهل، وأكثرها ألماً واستعمالاً هي أن يتم تقييدك من الوراء ويتم رفع اليدين بطريقة معاكسة وكلما كان الجسم أثقل، أو كلما تم رفع البدن أعلى كلما سارع الرفع لخلع اليدين من جهة الكتف وفي العادة لا يأخذ هذا الأمر إلا دقائق قليلة جداً حسب طبيعة الجسم، ولا يتم رفع البدن عن الأرض إلا مسافة ضئيلة جداً بحيث يلعب الجسم في سعيه كي يجد مستقراً له على الأرض دور الثقالة، مما يساعد مهمة التعليق هذه في تأدية دورها في صنع الآلام! وهنا تتسابق في هذه الصناعة آلام الكتف واليدين المخلوعتين! وآلام القيد الذي يبدأ بالضغط على العظم! فضلاً عن آلام الهراوات التي تنهال على أعلى الكتف وعلى الفخذين فما دون، وإن استراح أصحاب الهراوات فقبضات الجلاوزة وركلاتهم ستعوض عن الهراوات المطاطية، وكل هذه الحالات ستشكل فريقاً مشتركاً لإيجاد موجة هائلة من الآلام، يتلذذ فيها ساديون يندر أن تحس بوجود أدنى درجة من الإنسانية لديهم.
على أي حال لم يحصل خلال الساعات الأربع أو الخمس التي انصرمت وأنا تحت رحمة فريقي التعذيب هذا شيء لافت، فالتعذيب جرى كأشدّ ما يكون دون أن ألاحظ خفة في وتيرته، بل على العكس كانت كل مؤشراته أنها ستستمر بالتصاعد، وأسئلتهم ما عادت تقدّم ما يخيف أو يقلق، ولا زالت تزيدني قناعة بأنهم لا يمتلكون شيئاً ذا بال عني، ولا زالت لغة التهديد والوعيد بعذاب أكبر تنطلق من لسان مصعب التكريتي وهو يطلقها بمزيد من التشنج وكأنك تسمع صرير أسنانه مع كل حرف من حروف تهديده، وكلما مر بعضاً من الوقت أحمد الله أن وقت انتهاء الدوام يقترب لأمنّي نفسي باستراحتي اليومية في الموقف، ولكني ما كنت أحسب أن مفاجأة في انتظاري ستكبدني آلاماً إضافية غير مرتقبة.
انتهى الدوام في الشعبة وبدأ فريق التعذيب ينفض يديه من التعب! وكنت انتظر بفارغ الصبر أن يمدّون أياديهم كي ينقلوني إلى الموقف، ولكن الوقت طال ولما أزل مرمياً في أرض الغرفة! وما من أحد يسمع له صوت في الشعبة، ولكن بعد مضي ما يقرب من الساعة دخل أحدهم ورفع العصابة عن عيني وفتح القيد من يدي ووضع طعاماً أمامي وقال لي ساخراً: كل فأنت ضيفنا اليوم! وكان هذا الأمر قد نزل عليّ كالصاعقة، لأن ذلك لا يعني إلا تفسيراً واحداً هو أني لن أرى الموقف اليوم وسأبقى عندهم في الدوام المسائي، وهذا يعني ما يعني من التعذيب، وما كان يخيف أكثر من ذلك هو سبب إبقائي، فليس من المعتاد أن يفعلوا ذلك، فهل من ملف جديد سيفتحونه؟ ومع هذا الاحتمال انهالت تهويلات الشيطان ووساوسه التي تتركز على مضاعفة الخوف والهلع في داخلي تنقض عليّ، ولا أخفيكم أن الوضع كان شديد الوطأة عليّ، وزاد من طين الموقف بلّة أن من جاءني بالغداء دخل عليّ بعد مدة ووجدني لم أمسّ الطعام، فسألني عن سبب عدم تناولي للطعام وبطبيعة الحال كان سؤاله محلّى بالشتائم، فقلت له: لا أستطيع أن آكل ولا أشتهي أكلاً، فما كان منه إلا أن ركلني وهو يصرخ بي شاتماً ستأكل غصباً عليك! أتحسب أنك ضيف تشتهي أو لا تشتهي كما تريد؟! وذهب ليجلب معه أحد الجلاوزة، وبدأ الركل والضرب بدعوى أني مضرب عن الطعام! كان الطعام الذي جلبوه لي هو عبارة عن شيشين من الكباب أو ثلاثة مع الصمون، وكيف للمرء أن يأكل في مثل هذا الوضع؟ والجوف متيبس بأكثر من يبوسة الأرض المالحة! وحتى لا أطيل عليكم فإني أجبرت على أن أدخل جوفي مقداراً من الطعام، ولكن كانت مصحوبة بعشرات الصفعات والركلات، وهي مهما كانت فقد كانت أخفّ وطأة مما سبق أن جرى عليّ مثيلها في اليوم الثاني من اعتقالي في الشعبة الخامسة على يد المجرم بدر الدليمي، فلقد كبّدني أكل قطعتين من الكبة قرابة المئتين هراوة! ولعل السبب في الفارق أن ما كان في الشعبة الخامسة هو تجربتي الأولى في الأكل وأنت في حفلة التعذيب!
حلّت الساعة الخامسة والربع والتأم الفريق مرة ثانية وما أن وصل المجرم التكريتي حتى دخلنا من جديد في حفلة التعذيب، ولم أك مهتماً كثيراً بما ينزل على جسمي من هراوتهم بقدر ترقبي لأسئلتهم وما تحمله من جديد، ولكن لم يك ثمة جديد! ولهذا استمروا بالضرب مع التوقف للتبادل ولأغراض الانهماك بحفلة الملاكمة والضرب الحر كما أسميها حتى أزفت الساعة التاسعة ليلاً فطلب منهم التكريتي أن يأخذوني إلى الموقف، وكم كنت سعيداً حينما سمعت ذلك مع أنه كان يطلق سيلاً جديداً من الوعيد الذي سينتظرني غداً.
حملوني إلى السيارة إذ لم أستطع السير، وكان منظري يرثى له فوجهي كان قد اكتسب حجماً جديداً من الأورام، والدماء تغطيه، فيما كانت أقدامي قد ارتفع سمكها إلى حد لا يعتاد المرء عليه، فيما كانت تنزف دماً من أماكن عدة، وقميصي التصق بظهري من الدم المتيبس عليه، وما أن وصلت إلى الموقف حتى أقبل العديد من السجناء لاستقبالي وهم يعبّرون عن قلقهم الشديد علي، وقسم كبير منهم لا أعرفهم، ولكن حالة التعاطف مع المعذبين من السياسيين كان سمة عامة في الموقف، وقد كنت بحاجة شديدة إلى النوم بسبب شدة الإرهاق، وفيما كان الأخ الكردي قد بدأ عمله لغرض تدليك بدني وتخفيف الأورام التي علت قدماي لا سيما اليمنى منها وفقاً لعادته التي ابتدأها من أول أيام التعذيب، كنت قد استسلمت للنوم من جراء الإنهاك، حتى إني لم أتمكن من الصلاة إلا بعد أن استيقظت بعد أن مر من الليل نصفه.
يتبع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقات السابقة :
كان الصراخ والعويل والأنين يصم الآذان.. حينما كنت في الزنزانة (الحلقة الخامسة)
اقترفت خِطئاً فادحاً إذ ناديت بصوت ضعيف: يا الله! حينما كنت في الزنزانة (الحلقة الرابعة)
نقلوني فبدأت اتمنى الرجوع للشعبة الخامسة حينما كنت في الزنزانة ( الحلقة الثالثة )
على حين غرة اشتعلت النيران في وجهي حينما كنت في الزنزانة (الحلقة الثانية)
هذا ما حصل في الزنزانة حينما اعترفت تحت وطأة التعذيب عام ١٩٧٦ (الحلقة الاولى)
https://telegram.me/buratha