السيد محمد الطالقاني ||
الطغيان من أعظم أسباب هلاك الإنسان وهوانه على الله عز وجل، وما كفر من كفر ولا عصى من عصى إلا طغى إذ تجاوز حده، وحد الإنسان إنما هو الوقوف عند عتبة العبودية لله عز وجل بتوحيده وفعل المأمور وترك المحظور.
فالطغيان غريزة مدفونة في بعض النفوس، قابلة للانفجار، متى ما توفرت أسبابها ومشعلاتها ومهيجاتها. فهذه الأرض خلقها ربها للأنام، وأصلحها لأهلها، ولكن أبى الإنسان الجهول الظلوم إلا أن يفسد فيها، وإفسادها يكون بعصيان الله فيها، من الكفر به والإشراك معه، والظلم فيها، والفسق عليها ..
وأعظم الطغيان وأخطره، وأشده انحرافًا وآثارًا، الطغيان في الملك والحكم, فنجد كل من عرضت عليه دنيا هرون يقول انا ربكم الاعلى .
واليوم وبعد صراع مرير بين الحكومة والشعب دام ستة اشهر لحد الان من تظاهرات واعتصامات واضرابات دفع فيها هذا الشعب المظلوم مئات الشهداء ضريبة لهذا التحدي وهذا الصراع.
حتى تشكلت الحكومة الاخيرة وابتدا الشعب ينظر اليها بعين الترقب املا منها تحقيق مايصبوا اليه من ابعاد الفاسدين ومحاسبتهم واخذ العراق الى شاطىء الامان.
ولكن مع الاسف يبقى الشعب يدفع ضريبة سرقة الحكومات التي تعاقبت على الحكم في العراق والقران الكريم يقول : (لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) .. أي لا تحمل نفس حمل غيرها الذي أثقلها وإن كانت ذات قربى.
فقد طالعتا الحكومة الجدية بقانون مجحف وغير انساني باستقطاع رواتب الموظفين لسد عجز سرقات الفاسدين.
اهكذا الجزاء ياحكومتنا بان يكافىء الشعب الذي اراد التغيير ومهد لكم الوصول الى السلطة بهكذا مكافاة.
السارق يتنعم بما سرق وابن البلد يدفع الثمن , أي عدالة هذه التي تدعون بها, راجعوا انفسكم قبل ان تحاسبوا فقطع الاعناق ولا قطع الارزاق.
ان الاموال التي تهدر شهريا الى اناس لاعلاقة لهم بالوطن اصلا فهم يعيشون خارج البلاد بحجج واهيه امثال الياور وغيره , وامثال ازلام النظام السابق وعائلة المجرم صدام واشقائه وابنائه, هذه الاموال اولى ان تقطع.
اذا اردتم ان تعالجوا الموقف تنازلوا عن رواتبكم كلها الى الشعب لان خدمتكم خدمة تشريفية وليست وظيفية واكثركم بل كلكم موظفون سابقون فلاداعي لصرف مميزات حكومية لكم.
الامر الاخر الغاء رواتب كل فدائي المقبور صدام واركان نظامه التقاعدية, فجهاز الامن الخاص بالبعث وكل تشعباته هو جهاز استحدثه النظام البعثي المقبور لقمع ابناء الشعب العراقي , فهل من المعقول ان يكافىء هولاء برواتب لاعدامهم ملايين الشهداء من ابناء الشعب العراقي.
ان الشعب العراقي اليوم يمتلك الوعي الثقافي والسياسي الذي يمكنه من معرفة كل بواطن الامور فاحذروه وتذكروا جيدا ان الاستكبار العالمي الذي يتناغم معكم هو نفسه الذي تناغم مع صدام ومهد له غزو ايران والكويت ثم قضى عليه.
راجعوا حساباتكم في محاسبة الفاسدين من الحكام الذين كانوا لايملكون شبرا في ارض العراق واصبحوا اليوم يملكون ميزانية دول, حاسبوهم والعراق سوف يكون بافضل حال.
وتذكروا جيدا ماجاء في كتاب الله حيث ذكر لنا ان فرعون الذي كان في ظلمه قاهر، أتاه أمر ربه بغتة ليكون هاربًا بعد أن كان طالبًا، هاربًا من جند الله حيث ابتلعه الطوفان وذهب طغيانه وذهب معه غروره وكيده، فكأنه ما كان هو ولا ملكه، وجعله ربه عبرة لكل طاغية بعده، فلفظه البحر على شاطئه ليراه الناس: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) والعبرة لمن اعتبر
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha