قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com ||
الذي حصل بُعَيد إزاحة الصخرة الصماء، المتمثلة بنظام القيح البعثي عام 2003؛ هو بالحقيقة بداية صراع الثعالب المهاجرة، وقد كان صراعاً حتمياً لابد أن يحدث، فالثعالب قد تتوافق مرحلياً، لكنها في النهاية لابد أن تأكل بعضها.
لقد قال معظمهم ؛ أنهم لا يريدون السلطة، وإ، كانوا سعوا اليها فإنما سعيهم اليها من أجل أن يخدموننا، وكان علينا أن نصدق قولهم، لأن لا خيار آخر بيدنا، صدقنا قولهم مع أننا نعلم علم اليقين، وكتجربة إنسانية، أن أفعلهم لن تكون كأقوالهم، وكانت النتيجة أن ما قاموا به، ما هو إلا بحث عن طريق جديد للسلطة!
بعد سبعة عشر عاما من الخديعة، تلاشت ثقتنا بثعالب السياسة، وبتنا نشتمهم بأقذع الشتائم، ولأنهم ثعالب كانوا هم أيضا؛ وعلى عادة النساك المتعبدين، يشتمون أنفسهم ودموعهم تفيض بالدمع، بل ظهر كثير منهم على شاشات النلفزيون، مقرين معترفين بذنوبهم، مقرين بأخطائهم، بل أن منهم من أعترف بأنه لص!
لقد رسبوا في معظم الإخابارت، ولا أتصور أن أحداً يمكن أن يثق بشخص، رسب في اختبارات عديدة، لكن لأن السياسة هي فن الممكن، ولأننا لا نعرف بالحقيقة غيرهم، فقد كنا نذهب الى صناديق الإختبار لنمنحهم ثقتنا، بل كنا نصلي خلفهم متضرعين الى الخالق أن يحفظهم، فيما كانوا يتضرعون اليه جل ثناؤه، أن يزيدنا غفلة كي يأكلوا مزيد منا، تماما كدعاء الثعلب يوم أم الدجاج في صلاة!
قديما كانت الناس تذهب الى المشايخ بحثا عن علاج عندما يصبهم مرض أو جرح، ويحكى أن أحد الأعراب عضَّه ثعلب، فأتى لإحد هؤلاء المشايخ ليرقـيَه من العضة، واستحيا أن يقول للراقي إنه أصيبَ من عَضَّة ثعلب، وقال: عضَّني ذئبٌ؛ فارْقِــني منها، فبدأ الراقي بالقراءة عليه والنفث، فقال له بصوتٍ منخفض: حبذا – أيها الشيخُ – أن تخلطَ رقيتَكَ هذه بـِـرُقْــيَةِ الثعالب!
قصة هذا الأعرابي وعضة الثعلب؛ تختصر لنا حكاية تصرفات السياسيين كلها، كما توضح لنا مواقف غالبية؛ من نسميهم جزافا بالنخب الفكرية والإعلامية تجاه الأحداث؛ فجميعهم يتحدثون عن "قيم عليا"، وعن "أخلاقيات" و"أهداف نبيلة"؛ وعن "واجب" محاربة الفساد، وعن "أولويات" الوطن والمواطن والمواطنة والوطنية، بـ"طنين" كنا احت تأثيره المخدر لسبعة عشر عاما.
لكن الهدف الحقيقي للسياسي الثعلب، يظل قابعًا تحت تلك الشعارات الظاهرية، وذلك أن الجمهور يبحث عن البطل، الذي يمثل تلك القيم العليا، ويحقق تلك الأهداف السامية، والسياسي يطرح نفسه على أنه هو البطل الذي يحقق ذلك، فهو داعية الخير والحسن والجمال، وهو محمل القيم العليا وصاحب الأهداف النبيلة، ويصور لنا خصومه على أنهم دعاة الشرور والقبح والأهداف الشخصية الدنيئة!
الثعلب السياسي تقف معه وخلفه وسائل إعلام جبارة، تمتلك مواهب وآليات عظيمة، اتتكفل بصنع ذلك كله!
كلام قبل السلام: ساستنا ومن يتحكمون في صنع القرار بهذا البلد رضعوا حليب الثعالب، فقد أوهموننا بأنهم ردوا لنا حقوقنا السياسية وخيراتنا الاقتصادية، غير أنهم في حقيقة الأمر لا يردون لنا إلا أوهاما يصنعونها، لنتهافت عليها ليأخذوا منا في غمرة تهافتنا على تلك الأوهام، ما تبقى من خيرات ومقومات ..!
سلام..
https://telegram.me/buratha