طيب العراقي
أثار إستقبال رئيس مجلس الوزراء؛ لكادر مسلسل (كما مات وطن)، الذي تعرضه قناة الشرقية الفضائية لغطا كبيرا، إن في الوسط الإعلامي، او في مواقع التواصل الإجتماعي، هذه الإثارة أقتضت منا أن نقف عندها قليلا، لا تناولا لموضوع الإستقبال ذاته، فهو موضوع نشاط يومي للمسؤول الحكومي، خضع لتقييمه أو تقييم مستشاريه الإعلاميين، فوجدوا أن من المناسب القيام بهذه الخطوة، لكن هذه الخطوة أحالتنا الى موضوع أكثر أهمية، وهو فن إدارة الإعلام في أوقات الأزمات.
لا شك أن العراق يمر بأزمة كبرى؛ متعددة الوجوه والصفحات، وبات لهذه الأزمة المتشعبة إنعكاساتها وتداعياتها، على جميع مفاصل حياة العراقيين، والإعلام واحد من بين هذه المفاصل، بل هو بالحقيقة؛ يمثل وجهها الظاهر الأكثر سطوعا، والمشكلة أن الإعلام بدلا من أن يتصرف كإعلام أزمة، بات في أزمة!
يوما يعد يوم؛ يتضح اتساع وتعدد مجالات إعلام الأزمات؛ "إعلام المواجهة وإعلام الطواريء"؛ ما يجعل من الأهمية بمكان تناوله من زاويا مختلفة، وهو ما يجعلنا نركز على
أهمية الإعلام أثناء الأزمات.
فى ظل التطور الهائل؛ لإمكانيات وسائل الإعلام المختلفة التقليدية والجديدة، تعاظم دور الإعلام فى التعامل مع الأزمات بشكل خاص، وأصبح من الأهمية بمكان، الالتزام والاستناد فى المعالجات الإعلامية للأزمات، على القواعد والأسس العلمية لإدارة الأزمة، أيًا كان مجالها، من جانب القائمين بالاتصال، من إعلاميين أو سياسيين أو دبلوماسيين أو مسؤولين، ومن هذه الأسس والركائز:
(1) الإعلام عبر وسائله المتعددة؛ يعد أداة التفاعل بين الأزمة وأطرافها، وحتى من ليس طرفًا مباشرًا فيها، كما لم يعد ممكنًا التعتيم أو الصمت الإعلامى على الأزمات، مهما تفاوتت في حدتها أو حجمها، وقد أصبح إخفاء أو تجاهل أية أزمة؛ في عصرنا الحالي أمراً شديد الصعوبة، وبالطبع فإن درجة الاهتمام الشعبى محليًا وإقليميًا ودوليًا بأية أزمة؛ تتفاوت من أزمة لأخرى، ولكن يظل لوسائل الاعلام، دور رئيس في التعريف بها والتفاعل مع مجرياتها.
(2) الإعداد الدقيق لإدارة الأزمة، وذلك بتقدير حجم وقوة وتأثير الإعلام المضاد محليا أو خارجيًا، وعدم الانفراد بإدارة الأزمة إعلاميا، دون مشاركة جهات الاختصاص المسوولة عن طبيعة الأزمة.
في هذا الصدد؛ فإن التحرك الإعلامى الداخلي؛ لاحتواء أزمة اقتصادية داخلية مثلا، يكون في سياق التشاور مع الوزارات والهيئات والمؤسسات المعنية والخبراء ذوى الصلة، والتحرك الإعلامى الخارجى، يكون من خلال الخطاب السياسي والتحرك الدبلوماسي على المستوى الدولى.
(3) الاعتراف بوجود أزمة بمعنى عدم إنكارها، وتوجيه الرسالة الإعلامية الصحيحة المتصلة بها؛ ومن هنا فإن البحث عن حل أمثل، أو على الأقل حل أفضل؛ بين البدائل المتاحة هو أساس التسوية السليمة للأزمة.
(4) رصد الدروس المستفادة من الأزمة قبل طى ملفها، ومثل تلك الدروس يشكل تراكما معرفيًا لا غنى عنه، لمواجهة أزمات المستقبل قبل أن تنشب وتستفحل، كما يشكل التراكم المعرفى بدوره، مرجعيات لتدريبات الإعلاميين من واقع الخبرات المكتسبة.
(5) إن الكم الهائل من الرسائل الإعلامية؛ التى تقدمه وسائل الإعلام يوميا، يجعل العامة منهم (البسطاء)، غير قادرين على إدراك حقيقة الموقف، إلا من خلال ما تطرحه تلك الوسائل، باستثناء الأشخاص ذوى المعرفة والوعى السياسي المرتفع، الذين يكونون أكثر قدرة على فهم وتحليل ونقد ما تقدمه لهم تلك الوسائل.
هنا يحق لنا أن نطرح سؤالا واعيا، وهو هل أن الحكومة كانت غير قادرة على تقدير الموقف، فتصرفت كما يتصرف البسطاء، أم أنها كانت على مستوى متقدم من الوعي، بحيث وجدت أن عليها إستثمار هذا الحدث الإعلامي، الذي حظي بـ"جدلية" واسعة في المجتمع، فتبنت هذه الجزئية المربكة، لترسل رسالة الى المجتمع بمحتوى واضح يقول، أن هذا هو ما نتبناه، وهذا ما ستنالونه منا، وهذه هي خارطة طريقنا!
في الذاكرة الأداء لإعلامي في أثناء "قادسية صدام المجيدة"..!
شكرا
14ـ5ـ202
https://telegram.me/buratha