قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ينزع التفكير الساذج الى إستلتاج الرؤى من المعطيات الجاهزة، دون إعمال العقل في المقدمات الحقيقية، والتي تقود بالمحصلة الى نتائج رصينة..
في قصة تسنم مصطفى الكاظمي منصب رئاسة مجلس الوزراء، وما يتيحه هذا المنصب من صلاحيات واسعة، في مقدمتها أنه بات القائد العام للقوات المسلحة، فإن منطق الأشياء يكشف أن الكاظمي وقع في حيص بيص الدوامة، ناهيك عن أن مهمة الرجل ليست سهلة قطعا.
الكاظمي وجد نفسه فجأة إزاء جبل من المشكلات المعقدة، التي لا يمكنه مواجهتها منفردا؛ ولا حتى بالأدوات البائسة التي بين يديه، فضلا عن أن الزمن المقرر لولايته قصير جدا، فهو سنة واحدة فقط إذا أجريت الأنتخابات المبكرة، وفقا لمطالب الشعب والمرجعية الدينية العليا، وسنتين في أبعد أجل؛ إذا أتم الدورة الإنتخابية، لتعذر إجراء إنتخابات مبكرة، التي باتت المطالبات بها من الماضي، وذلك لإسباب لوجستية وتشريعية وسياسيةـ
بنظرة واقعية لما حدث وسيحدث، وبإستقراء الأوضاع الإقليمية والدولية، يمكن القول أن الكاظمي اصبح كبش فداء؛ ووقع في ورطة كبيرة، فهو ليس قادر على انهاء العلاقة الإستراتيجية بين العراق وايران؛ كما تريد أمريكا ذلك منه وفقا لإجندتها المعروفة، وهي أجندة تقف بوجهها قوة صلبة على الأرض العراقية،
الكاظمي ونظرا للأوضاع الإقتصادية العالمية الضاغطة، غير قادر على تحقيق منجز خدمي او اقتصادي كبير، وحتى إذا فتحت الولايات المتحدة خزائنها له، وهي لن تفعل ذلك بالتأكيد؛ في ظل إدارة ترامب الذي يدير السياسة بعقلية التاجر شايلوك، فإن أقصى ما يستطيع تحقيقه هو تمشية الحال وفقا لسياسة تقشف صارمة، ستؤثر على العراقيين جميعا، وسيزداد الفقراء فقرا، وستتضخم كتلة العاطلين عن العمل، نعم ربما سيكون هناك بعض التسهيلات المصرفية من مؤسسات مالية دولية وعلى أستحياء، لكنها ستكون محدودة ولغرض الإيحاء بأن الحكومة مدعوما دولياً، وستكون قطرة ماء حلوة، مسكوبة في بحر مالح إجاج!
من السذاجة ايضا التفكير بأن الحكم الشيعي هو رئاسة الوزراء، فالشيعة وعلى الرغم من إهتزاز صورة قوتهم السياسية، بفعل إتساع وقوة وتعدد صفحات المؤامرة الأمريكية، إلا أن كثير من اوراق اللعبة ما تزال بيدهم، ومن المحال تجاهلهم او القفز عليهم؛ في اي معادلة حكم قادمة.
كما أن الرجل غير قادر؛ على كسر أضلاع مثلث الشعب ـ الحشد ـ المرجعية، بل سيحاول أن يكون جزءا من هذا المثلث، ليضمن مستقبله السياسي، لأن أي خروج على أي ضلع من أضلاع المثلث، سيكون إنتحارا سياسيا، وتجربة العبادي في هذا الصدد، ما تزال ماثلة للعيان!
مع أن معظم الذين سبقوا الكاظمي بالتصدي لمنصب رئيس الوزراء، كانت أمريكا “راضية” عنهم بشكل أو بآخر، إلا أنه يعد اول رئيس وزراء؛ سبقت تسلمه المنصب معرفة جميع العراقيين، صغيرهم وكبيرهم؛ بأنه خيار امريكا في العراق، وهو أمر ليس في صالحه بالتأكيد!
هكذا يتعين على الكاظمي؛ التصرف بخلاف هذه الصورة السيئة، ويعمل بقوة على محوها من ذاكرة العراقيين، وهو شأن خارج إمكانية الحدوث في المديات القريبة، خصوصا أن برنامجه الحكومي؛ يخلو من فقرة أخراج القوات الأمريكية، وسيعاني من خسائر متلاحقة؛ وستندم امريكا كثيرا على هذا الخيار.
على ذكر برنامجه الحكومي، فلا حكومة الكاظمي، ولا أي حكومة أخرى، تستطيع أن تنفذ ربع برنامجه الذي أعلنه في مجلس النواب، وهو برنامج أكبر من ناسه ومن مدته الزمنية، وبحتاج الى سنوات تصل الى عشر على الأقل لتنفيذه، في ظل هذه التداعيات المعقدة؛ المرتبطة بالجغرافية السياسية والإقتصادية العراقية.
جبل الفساد العراقي بقممه العالية؛ لن يستطيع الكاظمي حتى مجرد الإقتراب منه، لأنه جبل أكبر من الدولة، بل أن الدولة جزء منه!
كلام قبل السلام: عن الصادق عليه السلام قال: (كذب من زعم انه من شيعتنا وهو متمسك بعروة غيرنا)..
سلام..
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha