حافظ آل بشارة ||
في كل عام من أيام رمضان نستذكر ايام تأسيس فيلق بدر قبل ٣٩ سنة ، لم يكن بدر مجرد تجمع للجهاد المسلح ، بل كان مدرسة للبطولة والعقيدة والسياسة واقامة دولة العدل وصناعة الثقة والتفاؤل في احلك الليالي ، كانت نخبة نادرة يتردد في اسماعهم نداء الحسين عليه السلام (هل من ناصر ينصرنا) اعاروا جماجمهم لله ، ثم نداء الصدر الداعي الى الجهاد لانقاذ العراق من هيمنة الطاغوت ، كانوا مختصرا للتأريخ الشيعي بكل محطات الدم والدموع فيه ، شكلا ثانيا من جيل حبيب بن مظاهر ، وجيل المختار الثقفي ، وجيل الحيدري والحبوبي والحكيم مراجع تحولوا الى مقاتلين في معركة الشعيبة ، وجيل من امتطوا صهوات جيادهم ليواجهوا طائرات بريطانيا فيهزمونها .
فيلق بدر فريق ابطال على بوابة العشق الخالد باحثين عن احدى الحسنيين ، سرب جديد من صقور الرفض والزهد والشهادة على طريق كفاح لا ينتهي ، فيلق بدر عصبة ارادت ان يبقي تاريخ الجهاد متواصلا تنعقد فصوله ، ويبقي باب المروءة والفداء مفتوحا لاجيال تدخله في ظل انقى ماعرفه الاسلام من فكر جهادي واخلاقي ، وبحساب ارتال الشهداء وتأريخها يكون بدر مكملا لسلسلة ذهبية من من الحشود الفدائية عبر تأريخ اهل البيت عليهم السلام وانصارهم ، مدرسة لمجاهدين افذاذ اسسوا مناهج الحداثة في حرب العصابات عبر الاهوار والجبال وعلى مشارف بغداد ، قلوب نبضها قادم من القرن الثاني وسلاحها من القرن الرابع عشر ، تخطيط وبراعة وشجاعة اسطورية ، مزيج موحد من ضباط جيش العراق الاكفاء والجنود الغيارى الذين التحقوا بخندق المروءة ، ورؤوس الحركة الاسلامية وكوادرها ، وطلبة الجامعات ، وشباب جيل الرفض ، جسدوا وحدة الصف ووحدة العقيدة ووحدة الوطن ، المحنة وحدت العراقيين في بدر العربي والكردي والتركماني والشيعي والسني في خارطة التضحية والجهاد.
بدر شطب الخرائط على الارض ونادى لبيك لنداء الحسين والامام الخميني والشهيد الصدر الاول والشهيد الصدر الثاني ، اعلام وقادة وسادة متمردون على منطق الزمان والمكان ، انه قدر الهي يجب ان يبقى هذا النهج حيا حتى الظهور ، وليس من العقيدة تصور اي انقطاع ، وحين نهض الحشد الشعبي الجديد بفتوى مرجع اليوم ووارث الامامة للوقوف بوجه السفيانيين الجدد.
برز بدر كله للوحشية كلها مجددا بقيادة آخر شيوخه من الليوث المخضرمين وهم يسعون في الميدان بهيئة الكهول الحكماء ، استعادوا نماذج المعارك الماضية ، الصورة اذهلت احد المجاهدين ، فاعاد القاء قصيدته التي كتبها قبل ٣٠ سنة يصف فيها ليلة معركة كربلاء الثانية كان حينها شابا فأعاد القاءها بعد معركة الدور وسحق داعش وقد ادركته الشيخوخة فقال بصوت متهدج وقد نسي معظم ابياتها :
شرب الزمان على الغرام الأقدم
فسلوت اشواقي كأن لم اغرم
واتيت اشكو للحبيب ملمة
نثرت حروفي كالسهام على فمي ...
بأكفهم ذات اللهيب كأنها
رسل تخاطب مضرمات جهنم
فاذا المذنب شع منها وانثنت
ركب الرجال على الأديم الأسحم
خشيت سماء الشرق فقد نجومها
فتلمها ذعرا ولم تتلملم
طربو لزوبعة الرصاص وبرقها
طرب الفقير الى رنين الدرهم ...
فكانت الصور الشعرية متماثلة طبق الاصل في صولات المجاهدين تعيد الصائل والمهزوم .
بدر تأريخ لسيرة الاف الشهداء الابطال والجرحى والمعاقين والمفقودين ، قدموا انفسهم لأجل شعبهم وبلدهم ، اما اليوم فقد انتهت معارك الرصاص لتبدأ معارك الحرب الناعمة ، وتبرع كثير من الابواق والعبيد واللقطاء ليختلقوا صورة سيئة لبدر مدفوعة الثمن ، ذلك الحشد الذهبي الذي تفتخر به اي أمة حية ، نشروا حوله سيلا من الاكاذيب والاباطيل وهي لا تنطلي الا على الجاهلين ، وهؤلاء الاراذل ينطبق عليهم مقتضى الآية الكريمة (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) .
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha