قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
في آذار 2020؛ سربت الإدارة الأمريكية دراسة عن مستقبل الحشد الشعبي؛ أعدها فريق بحثي تابع لمعهد واشنطن للدراسات الأستراتيجية، الفريق مكون مايكل نايتس, حمدي مالك, وأيمن جواد التميمي، وكان عنوان الدراسة (التكريم من دون الاحتواء .. مستقبل «الحشد الشعبي» في العراق)
لا نريد الخوض في تفصيلات هذه الدراسة المهمة؛ فهي على كل حال منتشرة في الفضاء الإعلامي بشكل واسع، فضلا عن أن عنوانها ومصدرها يكشف عن محتواها.
في (قسم السياسات)الذي تناولته الدراسة،أشارت إلى ثلاثة نقاط مهمة وخطيرة، كان أولها (تجميد نمو الحشد الشعبي)، من خلال مسألة إبقاء ميزانيته وبنيته التحتية المؤسسية محدودة، ومن المؤكد أن الحكومة القادمة التي سيرأسها السيد مصطفى الكاظمي؛ ستكون خير من يطبق هذه السياسة، خصوصا وأن الرجل بخلفيته المعروفة جيء به ليبقى ردحا من الزمن؛ ليصحح الأمريكان به هفوات برايمر وكارنر ونكرو بونتي، ويبدو أنه سيتم ارجاع العراق الى دور ما قبل ٢٠٠٣، بل ربما اسوأ من ذلك!
إستخدم الأمريكان لتنفيذ رؤيتهم التي شرحتها الدراسة إياها؛ القوتين الناعمة والخشنة بالتوازي، فبالقوة الناعمة جرى عمل كبير؛ لصناعة رأي عام عراقي ودولي مضاد للحشد، وتحركت أرتال الجوكر الامريكي؛ في نشاط شعبوي وتواصلي مكشوف، كما عمد الى إستخدام أدواته في الدولة لتحجيم الحشد، من خلال تقليل التمويل الى أدنى حدوده، وتعطيل تنفيذ قانون الحشد الشعبي، والإهمال الإداري، وتحريك الاعلام المضاد..فضلا عن أن الأيام القادمة ستشهد تلفيق ملفات فساد وتجاوزات تنسب الى قيادات الحشد..كما أن تنمية الخلافات داخل الحشد والدفع الى تأجيجها، يمثل أحد الاوجه الناعمة للحرب على الحشد.
سنكتشف أن امريكا ماضية قدما، في تنفيذ إستراتيجيتها في مواجهة الحشد الشعبي على مراحل، ولها في تنفيذ هذه الأستراتيجية الخبيثة، أدوات نشطة، سواء داخل الدولة العراقية أو في العملية السياسية.
كما عمدوا على تفتيت بنية الحشد ونزع صفة الوطنية منه، من خلال طلب عدد من ألألوية التي ترتبط بـ"إدارات العتبات الدينية"؛ الإنفكاك عن الحشد والانضمام لوزارة الدفاع، وهو أمر لم يحصل لأسباب قانونية، فجرى الضغط على القائجد العام للقوات المسلحة، لإصدار أمر ديواني بفصل هذه الوية عن الحشد إداريا وعملياتيا؛ وربطها به بشكل مباشر!
التطورات الأمنية الأخيرة، وإنبعاث الروح بتنظيم داعش الإرهابي؛ وشهدنا في الأيام الماضية معارك طاحنة خاضها الحشد الشعبي، ضد الدواعش الأشرار، قرب سامراء وأماكن أخرى في ديالى وكركوك والأنبار، وهي تطورات لا يمكن عزلها عن جذورها وإرهاصاتها، بنفس القدر الذي يتعين فيه إستشراف تطورات الحدث ومآلاته المستقبلية.
حقائق تشكيل داعش وكيفية التشكيل، فموضوع بات مفروغا منه، خلاصته أن داعش أداة أمريكية بعثوهابية، صنعت لتنفيذ أجندة التحالف الصهيوسعوأمريكي، بل أن تنظيم داعش تحول الى أداة تحت الطلب في الحروب الإقليمية، فقد دخل ضمن ادوات الصراع الدولية بشكل مباشر.
تحركات ونشاطات هذا التنظيم الإرهابي، باتت جزءا من أدوات العمل السياسي السني في العراق، ولا تنفع في هذا الصدد الإدانات والإستنكارات الشكلية؛ التي تصدر من أطراف سياسية سنية في العراق، فلو جرى قراءة هذه الإدانات جيدا، سنجدها تحمل بين طياتها، إستحسانا وتبريرا لنشاطات التنظيم الإجرامي، تحت عناوين النازحين والمهجرين، ومطالب محمومة لإبعاد الحشد الشعبي عن المناطق التي حررها!
كلام قبل السلام: في مواقف الساسة العراقيين، خصوصا الشيعة منهم، نقول لهم "لا يمكن للإنسان أن تكون عاطفته مع الحق، وموقفه الرسمي مع الباطل، وعندما نتحدث عن ازدواج الشخصية هو عندما يفقد الأنسان الانسجام في شخصيته، فالصراع بين الحق والباطل لا يترك الأنسان بدون تصنيف".
سلام..
https://telegram.me/buratha