طيب العراقي
لا يمكن عزل ما جرى ليلة أمس الأول؛ من معارك طاحنة خاضها الحشد الشعبي، ضد الدواعش الأشرار، قرب سامراء وأماكن أخرى في ديالى وكركوك والأنبار، عن جذورها وإرهاصاتها، بنفس القدر الذي يتعين فيه إستشراف تطورات الحدث ومآلاته المستقبلية.
لسنا بحاجة لإعادة عرض حقائق تشكيل داعش وكيفية التشكيل، فهذا موضوع بات مفروغا منه، خلاصته أن داعش أداة أمريكية بعثوهابية، صنعت لتنفيذ أجندة التحالف الصهيوسعوأمريكي، بل أن تنظيم داعش تحول الى أداة تحت الطلب في الحروب الإقليمية، فقد دخل ضمن ادوات الصراع الدولية بشكل مباشر؛ وبعض الدول تلعب بطريقة الخفاء؛.
هكذا وجدنا أن أمريكا تناور بداعش؛ بين ليبيا واليمن وشرق السودان وغرب أفريقيا، وطبعا في العراق بشكل أكثر وضوحا، وذلك نظرا لتوفر بيئة محمية أمريكيا له في المنطقة الواقعة على جانبي الحدود العراقية السورية، وحيثما يوجد التطرف في المناطق السنية العراقية، التي تحولت الى حواضن مهمة؛ للتنظيم الإرهابي وبرعاية أمريكية علنية..
لا يمكن أيضا التغاضي عن حقائق أخرى؛ تتعلق بأن تحركات ونشاطات هذا التنظيم الإرهابي، باتت جزءا من أدوات العمل السياسي السني في العراق، ولا تنفع في هذا الصدد الإدنات والإستنكارات الشكلية؛ التي تصدر من أطراف سياسية سنية في العراق، فلو جرى قراءة هذه الإدانات جيدا، سنجدها تحمل بين طياتها، إستحسانا وتبريرا لنشاطات التنظيم الإجرامي، تحت عناوين النازحين والمهجرين، ومطالب محمومة لإبعاد الحشد الشعبي عن المناطق التي حررها!
وفي الجزئية الأخيرة تم بناء تحالفات سياسية، تعمل على قدم وساق لترتيب الأوضاع في المناطق السنية المحررة، بما يسمح بتعايش مع التنظيم الإرهابي وقبوله إجتماعيا، توطئة لقبوله سياسيا وضمه الى المنظومة الإدارية، وكان هنالك تدخل مكشوف وعمل كبير من قبل قوى سياسية سنية نافذة، لتغيير القيادات الأمنية والإستخبارية المهنية المخلصة، في محافظات الموصل والأنبار وصلاح الدين، والإتيان بقيادات موالية لتلك القوى السياسية، وتقبل بل تعمل على تنفيذ مخططاتها وأجندات حلفائها الأمريكان، وهكذا أخضعت مؤسسات الدولة الامنية بشكل كبير لتاثير الفاعل السياسي..
بالعودة الى الدراسة المهمة التي سربها عمدا؛ معهد واشنطن للدراسات الإسترتيجية، لمايكل نايتس وفريقه العامل على ملف الحشد الشعبي، سنكتشف أن امريكا ماضية قدما، في تنفيذ إستراتيجيتها في مواجهة الحشد الشعبي على مراحل، ولها في تنفيذ هذه الأستراتيجية الخبيثة، أدوات نشطة، سواء داخل الدولة العراقية أو في العملية السياسية.
إستخدم الأمريكي لتنفيذ رؤيته إزاء الحشد الشعبي؛ القوتين الناعمة والخشنة بالتوازي، فبالقوة الناعمة جرى عمل كبير؛ لصناعة رأي عام عراقي ودولي مضاد للحشد، وتحركت أرتال الجوكر الامريكي؛ في نشاط شعبوي وتواصلي مكشوف، كما عمد الى إستخدام أدواته في الدولة لتحجيم الحشد، من خلال تقليل التمويل الى أدنى حدوده، وتعطيل تنفيذ قانون الحشد الشعبي، والإهمال الإداري، وتحريك الاعلام المضاد..فضلا عن أن الأيام القادمة ستشهد تلفيق ملفات فساد وتجاوزات تنسب الى قيادات الحشد..كما أن تنمية الخلافات داخل الحشد والدفع الى تأجيجها، يمثل أحد الاوجه الناعمة للحرب على الحشد.
من ضمن أساليب الحرب الناعمة، كانت إثارة وجود الحشد الشعبي في المناطق المتنازع عليها، إضافة الى منع وجود قطعات الحشد الشعبي على الحدود، بغية قطع الجغرافيا بينهم وبين سورية.
سياسيا؛ فإن الكاظمي جيء به ليبقى ردحا من الزمن؛ ليصحح الأمريكان به هفوات برايمر وكارنر ونكرو بونتي، وسيتم ارجاع العراق الى دور ما قبل ٢٠٠٣، بل ربما اسوأ من ذلك!
في ميدان الحرب الخشنة، يبدو إن هجمات داعش في أطراف سامراء،هي الخطوة الأولى لمخطط خطير أكبر، حضٌرت له قوى دولية وأقليمية، لذالك انهى داعش مرحلة السبات والبحث عن ملاذ، وستتفاقم نشاطات التنظيم الإرهابي بشكل مثير، بغية بث الفزع والخوف في المناطق الذي ينفذ عملياته الارهابية، وسيعاد انتاج الخطاب الطائفي، مما يفقد الزخم المعنوي الوطني الذي تحقق به النصر..سنشهد زيادة وتيرة الهجمات الإرهابية لداعش، وبنفس الوقت ستعلو أصات أبواق المأجورين بضرورة إبقاء القوات الأميركية.
يحضرني قول الإمام الخميني" لا ينبغي الغفلة عن أمريكا، وهذا يستوجب أن نوظف جميع طاقاتنا وقوانا وقدراتنا لمواجهة خطر أمريكا، وأن نوجه كل هتافاتنا وتظاهراتنا ضد هذا الخطر. فهتاف "الموت لأمريكا" يجب أن يُطلق باستمرار وبصورة جماعية، حتى يزول الخطر ويُعجل في فنائها."
شكرا
3ـ5ـ2020
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha