د علي الطويل
لايختلف اثنان على ان الاعلام في وقتنا المعاصر بات يشكل عنصرا هاما في الحياة بل انه اصبح بديلا لكثير من الجهد الانساني ، اذ اختصر الاعلام العديد من الحلقات التي تتطلب جهدا بشريا واسعا وخاصة الاعلام الالكتروني حيث اصبح كل شيء متاح للفرد وهو يجلس في بيته اوعلى سريره ، دراسته وبحثه واكله وشرابه واصبح الاعلام يدير حتى طريقة تفكيره وتوجهه السياسي ومعتقده الديني ، لذلك اولته الدول والمؤسسات الحكومية والمنظمات العالمية اهتماما خاصا وطورت اساليبه بما يخدم مصالحها ويغنيها عن الجهود الكبيرة والاموال الطائلة في السعي وراء مصالحها ، والاخطر من ذلك كله ان الدول المستكبرة فطنت مبكرا لاهمية الاعلام فسيطرت عليه وسخرته لخدمة مصالحها واصبح اداة بيدها مما اكسبها تفوقا واسعا وقلل الكثير من التكاليف والخسائر المادية والبشرية .وكانت الولايات المتحدة سباقة في ذلك فاستخدمت الاعلام والحرب النفسية والحرب الناعمة بشكل كبير عند احتلالها للعراق وما بعد ذلك ونجحت كثيرا في الافادة من ذلك لتحقيق مصالحها واستمرا ر وجودها وخلقت رايا عاما يتبنى طروحاتها ويدفع باتجاه ترسيخها والدفاع عنها دون ان يشعر بخطرها على مستقبل البلد ومصالحه .
وما يهمنا بشكل اساسي هو الاعلامي الشيعي في العراق وواقعه المر واساليبه القديمة وابتعاده عن المنهج الحديث في الخطاب الاعلامي الموجه للجمهور في ظل التطورات الكبيرة التي يشهدها العالم والطفرة التقنية والفكرية التي نشهدها حاليا ، فقد تاسست عشرات الفضائيات الشيعية في ما بعد سقوط نظام البعث وصرفت مئات الملايين لاجل ايجاد نظام اعلامي يتبنى قضايا الشعب العراقي ويدافع عنها وخاصة حقوق الاغلبية الشيعية التي ظلمت من قبل النظام البائد ، اذ واجهت الاغلبية فيما بعد سقوط النظام هجمات الماكنة الاعلامية البعثية والامريكية التي صبت حمم دعايتها وحربها الناعمة لتفكيك وحدتها واجتماعها وتمزيق الراي العام الذي توحد بعد السقوط داعما لقضية تغيير المعادلة الظالمة في الحكم والتي تاسست على يد الانكليز في عشرينات القرن الماضي واستمرت الى مابعد سقوط النظام ، فلم تكن الفضائيات الشيعية والاعلام الشيعي بمستوى هذه الهجمة بل انه في اعمه واغلبه انسحب امامها منهزما او متخاذلا تبعا لسياسة من يشرفون عليه ويديرونه ، واما من صمد كالاعلام المقاوم فانه يواجه صعاب كبيرة في تطوير واقعه والارتقاء به نحو اعلام عصري متطور ، ويرجع سبب ذلك لعدة امور ، اولها القيمون على هذا الاعلام في الكثير من الحالات ينقصهم التخصص الاكاديمي والخبرة في هذا المجال ، وانما تتم الاستعانه بالاشخاص عن طريق المحسوبية والمنسوبية دون مراعات المهنية والامكانيات الفنية للاشخاص مما ولد تراجعا كبيرا في تطور الاعلام وعدم قدرته في مواجهة التحديات الكبرى ، والامر الثاني هو الابتعاد عن ملامسة الواقع ودراسة مايريده المجتمع وبالتالي تحديد حاجاته وايجاد منهج اعلامي يعالج هذا الواقع ، والامر الثالث هو استخدام اساليب التقليد الاعمى دون الابداع وهذا يتبع ادارة الاعلام فكلما كانت الادارة ناجحة متسلحة بالعلوم الحديثة كلما كانت ابتكارتها ومنهاجها احدث وهو امر يتعلق اساسا بالنقطة الاولى . لذلك نجد ان التحديات الاخيرة التي حدثت في العراق كشفت عن حاجة فعلية للتغيير والارتقاء الى مستوى الواقع ومجاراة ماتتطلبه المرحله في مواجهة الهجمة الاعلامية التي كادت ان تطيح حتى بثوابت الفكر الشيعي نتيجة تخلخل حائط الصد الاعلامي وكثرة عثراته وهفواته ،
ان الواقع الشيعي الذي يعيش ازمه كبيرة في الدفاع الاعلامي عن متبنياته الفكرية والسياسية يحتاج الى عمل دؤوب للارتقاء بالاعلام الى مستوى الحدث ، ولا حجة لاحد او عذر ، فالامكانيات المادية والبشرية متوفرة وهناك المئات من الطاقات الاعلامية والاكاديمية التي يمكن الاستعانه بها لاجل التطوير وتحديث المنهاج الاعلامي ، فبدلا ان يعرض مسلسل المختار في كل يوم عدة مرات ومن على عدة فضائيات ولسنوات متعددة فانه هناك العشرات من قصص الشهداء وروايات المضحين يمكن ان تملا الفضائيات ومواقع التواصل قصصا واحاديث وبرامج ، والراي العام تواق لكي يتابعها ولكنه ترك للشرقية ودجلة لتستولي على فكره وتديره كيف تشاء ، فمن يعلم اجيالنا الشابة بافعال نظام البعث ، ومن يخبر اؤلئك الذين كان صغارا واليوم هم في عمر ال١٥ عاما عن افعال داعش وجهاد المجاهدين وقصص ابطال العراق والاف الايتام والارامل والمعوقين اذ اصبح هذا الجيل من رواد الشرقية ومتابعي عشرات المواقع المعادية التي تريده ان لايتذكر البعث وداعش تمهيدا لايقاعه فريسة لاحدى المسميات القادمة ، ان المسؤولية تاريخية وجسيمة و تستدعي ان يكون هناك اعلام شيعي يكون بمستوى الاحداث يدافع عن قضايا الطائفة ويتبنى خلق الراي العام الضاغط لتحصيل حقوقه لا ان يتراجع لاعلام المعارضة مجددا كما بدانا نشهده الان ، والجميع بدون استثناء تقع عليهم هذه المسؤولية وواجب التغيير وايجاد اعلام فاعل وخلاق
https://telegram.me/buratha