المقالات

متى يتطوع المكلف؟!  

1406 2020-04-17

واثق الجابري

 

فشل الزرفي في إكمال حقيبته الوزارية، ليكلف الكاظمي بديلاً عنه، وسواءٌ كان الحضور السياسي كبيراً أم قليلا، فهذا لا يعني أنه قد حسم امر الحكومة وتشكيلها، ومن اول لحظة التكليف ظهرت أصوات مخالفة، إلا انها لا تنفي الإجماع السياسي، ولا يمكن لها تحقيق اعتراضاتها، مالم تحصل على إجماع سياسي  يمكن أن يجد مبررات رفض تكليف الكاظمي، والذهاب مع رأي حكومة طواريء او سيناريوهات أخرى يحددها قادم الأيام.

اختلفت تحركات الزرفي عن سابقه علاوي، وإلتقى بسفراء دول إقليمية ودائمة العضوية في الأمم المتحدة، وقبل أن يكسر حاجز التوجس والشكوك لدى القوى السياسية، بل عززت هذه التحركات إعتقاد إعتماده على الخارج، وإيحاءً بأن العراق محكوم منه اكثر من الداخل، وعلى أي رئيس مجلس وزراء اقناعه وإرضاؤه وأن كان على حساب المواطنين.

لا شك أن العولمة والليبرالية السياسية والاقتصادية، سعت وبشكل دؤوب على إزالة الحدود بين الدول،  وجعلت من العالم قرية صغيرة تحكمها العلاقات السياسية والاقتصادية، وتؤثر فيها سياسات هيمنة الدول حسب قوتها، وأثرت حتى على التقارب الاجتماعي للعادات والتقاليد، التي في بعضها مخالف لقيم وأعراف وعقائد شعوب، ومنها من تعمد على نسف حتى الاديان.

فككت الليبرالية دولاً تحت ضرورة الاحتياج للمعونات ومساعدات المنظمات الإنسانية، وأسست منظمات مجتمع مدني لها ارتباط بداعم خارجي، وبذلك ازاحت قوة الدولة، ومرة تدخلت بذريعة إزاحة دكتاتورية، واضطهاد، أو تحت مفاهيم حقوق الإنسان او محاربة الإرهاب، وحسب تسمية وتوصيل ذلك الإرهاب بتوصيفات الدول العظمى، وهذا ما جعلها تضع كل من يخالفها تحت هذه الطائفة ولها شرعية التدخل بمنطق المجتمع الدولي، والأحلاف الدولية، لردع مروق الأنظمة أو تهديد الإرهاب، الذي يهدد السلم الدولي.

إجتمعت في العراق كل المبررات والمسميات، وشكل الاحتلال الأمريكي تدخلاً أوسع، من تدخلات تنتقص سيادة الدولة تدخلاً أوسع من تأثيرات منظمات الغوث والمساعدات والدول المانحة والدائنة،  والباحثة عن تطبيق الديمقراطية والمتحدثة عن حقوق الإنسان، فكان لها الأثر بتفكيك الدولة ورسم سياسات حسب تقديرات ومصالح ما تخطط  له هذه المؤسسات ومن يقف خلفها، وما أتاح تفكك الدولة وضعف سيادتها، السماح بالتدخلات الدولية والاقليمية، التي سعت ان يكون لها موطئ قدم أو خوفا على مصالحها من عدو او منافس تراه على حدودها.

حفزت تلك السياسة غاية التدخل الخارجي المباشر، ورسمت للدولة خارطة بأيادي خارجية، وأتت بشعور سياسي وشعبي لإعتقاد وقناعة بالخطوط الخارجية والاستسلام للواقع وأن كان مخالفا للتوجيه والمصلحة الداخلية، وبذلك تكريس معظم الفعل السياسي لإرضاء الخارج، وصارت أرض العراق منطلقا للتدخل في الشؤون الإقليمية. وسعت الولايات المتحدة الأمريكية لجعله ساحة لتصفية حسابات، أو إعادة ترتيب موازين القوى والتصفيات الدولية، بما في ذلك توجيه دعوات للإرهابين للإقتتال في المنطقة.

داعش واحدة من مبررات المجتمع الدولي لدخول الأراضي العراقية، ومبرر للدول الإقليمية للزحف إلى هذه الساحة مرة لتوسيع نفوذها في أرض هشة وقابلة للإستصلاح السياسي، وأخرى للحد من النفوذ الأمريكي والدول على مشارف حدودها، ورغم إتفاق المنظومة الدولية على ضرورة محاربة الإرهاب سويا، إلا أنها بالوقت نفسه حاولت أطرافها لإستغلال الأزمة على حساب التراجع السياسي العراقي، ولكن المؤسف أن بعض القوى السياسية تسير على ما هو مرسوم لها من الخارج، ولا تنطلق إليه بمصلحة الداخل.

إن الواقع العراقي يتطلب رئيس وزراء ينطلق من الداخل بأتجاه الخارج، وأن يعد التكليف مسؤولية وطنية يتطوع لها اكثر مما يسعى للحصول على مكسبها، ولا يعتقد أن النجاح مرهون برضا الخارج قبل أن يحقق لبلده ما يطلبه الشعب.

المرحلة الحالية قاعدة انطلاق لسنوات قادمة، ونجاح رئيس الوزراء لا يتعلق بالشخص ذاته وشخصيته وخبرته السياسية فحسب، بل طبيعة الإدارة السياسية التي تحكمها قوى سياسية، أن لم تتخلص من الأنا فقادمها أسوأ عليها وعلى الشعب، ورئيس الوزراء ان لم يتطوع بأن يكون جنديا خادما لشعبه، فلن ينفعه الإلتحاف برأي سياسي يقدم المصلحة الحزبية على الشعبية، وبعض من هذه القوى تتكئ على مواقف الخارج اكثر من حاجة الشعب، تطوع رئيس مجلس الوزراء يكمن بإقناع القوى السياسية على العمل كفريق واحد لإنجاح الفريق الحكومي، والتوازن في العلاقات الدولية، وإستثمار التغيرات الدولية بعد جائحة كورونا، التي افرزت، أن الدول الكبرى عاجزة أمام فايروس صغير، وبذلك فان القوة لا تأتي بالاحجام وإنما بطبيعة التأثير، والعراق يملك مقومات التأثير الدولي،  متى ما كانت فيه حكومة متطوعة لخدمة شعبها، ومتى ماكان رئيس الوزراء وكابينته لا يعدون عملهم تكليفا، بل تطوعا مجانيا لخدمة شعبهم في مرحلة خطرة.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك