طيب العراقي
لا يمكن فصل الحالة عن زمنها، ولا الأحداث عن توقيتاتها، ولذلك تثار دوما إستفهامات مشروعة، لماذ حصل الفعل الكذائي، في ذاك الزمن أو هذا، ولماذا في هذا التوقيت بالذات وليس في ذاك؟!
استفهامات عديدة إزاء "حالة" الكاظمي وتوقيت ظهورها؟!..فالرجل معروف في أوساط السياسة والإعلام، وفي أروقة مباني المنطقة الخضراء أيضا؛ وإن بحدود ضيقة، على الأقل منذ سبعة عشر عاما، فلماذا ظهر في هذا الوقت بالذات؟!
قبل عام 2014 مثلا، لو سألت أي من رجال الخط الأول للسياسة عن السيد الكاظمي، فسيحتاج الى وقت حتى يتذكره، هذا إن تذكره أو عرفه أصلا، أما إذا كان يعرفه جيدا، فسيرد عليك؛ لماذا..شبيه؛ شتريد منه؟!
هل سيصبح الكاظمي "ظاهرة" إستثنائية في العمل السياسي في العراق؟! للإجابة سنحاول تتبع خلفية الرجل.
في ميدان الإعلا؛م وعلى الرغم من إشتغال الكاظمي بحقل التوثيق الإعلامي، في مؤسسة الذاكرة العراقيةلكنعان مكية، إلا أنه بقي يعمل في الظل في تلك المؤسسة الأمريكية، بإرتباطاتها المثيرة لعدد كبير من علامات الإستفهام؟
يفتح عمله في مؤسسة الحوار الإنساني من لندن وبغداد، وهي المؤسسة التي يقف خلفها رجل الدين الشيعي السيد حسين إسماعيل الصدر، أسئلة أخرى تزيل كثير من الضباب حول ظاهرة الكاظمي، فهذه المؤسسة بتمويلها الباذخ، ونشاطاتهاالكبيرة، تفتح الشهية على أسئلة مثل، ماذا ولماذا ومن وكيف ومتى وأين؟!
ثم تصدر الكاظمي للعمل في مجلة إسبوعية؛ يملكها رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح، إلا أننا سنكتشف أن الرجل طيلة عمله الصحفي والإعلامي؛ كان يعمل "عند" غيره، ولذلك فإنه لم يستطع بناء علاقات واسعة وعميقة مع الوسط الصحفي والإعلامي، وهي علاقات ضرورية جدا في العمل الإعلامي، إذ بدونها لا يستطيع الإعلامي والصحفي تسويق نشاطاته، وبناء شخصيته المهنية..
ثمة قضية أخرى لا يسعنا إغفالها ونحن نتناول قصة صعود السيد الكاظمي، الى أن يكون مرشحا لرئاسة وزراء دولة العراق، وهي موضوع ترأسه جهاز المخابرات الوطني العراقي، في زمن عديل شقيقه السيد العبادي، عندما كان رئيسا للوزراء، وهي أنه نعم أن الإعلام يوفر ثمانين بالمائة من المعلومات الإستخبارية والأمنية، ويمنح العاملين في ميدان الإعلام فرصا ممتازة، للحصول على المعلومات من مصادرها العلنية، خصوصا لأولئك العاملين في حقل التوثيق الإعلامي، لكن هذه الجزئية لا يمكن وحدها؛ أن تؤهلهم لقيادة أجهزة المخابرات مثلا..نعم يمكن أن تكون إحدى المؤهلات..لكننا نعرف أيضا؛ أن أجهزة المخابرات الرصينة لا تمنح قيادتها الى رجال الإعلام، لأن مستوى كتم الأسرار لديهم؛ ضعيف جدا بحكم عملهم..نعم أيضا يمكنها أن تعتمدهم كمصادر معلومات!
هل كان الكاظمي مصدرا للمعلومات لجهاز إستخباري خارجي، الأمر الذي جعل ذلك الجهاز؛ يأتمنه على مصالحه في العراق، ويدفع العبادي لتكليف الكاظمي رئيسا لجهاز المخابرات، معتمدا على علاقة وثيقة للعبادي بتوجهات ذلك البلد وجهاز مخابراته، ربما وربما لا، لكن ربما الأولى هي الأكثر ترجيحا!
بعد كل ما تقدم؛ فإن تكليف الكاظمي لرئاسة الوزراء صار أمرا واقعا؛ وفرصة تمريره ممكنة، اذ ان نصف نواب الشيعة على الأقل مؤيدين له..والكرد والسنة أكثر استعدادا وحماسة، لتأييده بخلاف موقفهما من ترشيح محمد علاوي والزرفي، وهكذا يكون السؤال الكبير عن السيد الكاظمي مع الإحترام لشخصه، هل لدى الكاظمي التاريخ السياسي والوزن الدولي والكاريزما، لتجعله مؤثرا في الساحة العراقية والدولية؟!
ثم وفي ظل خلفية الكاظمي المشوبة بالأسئلة، هل سيكون بإمكانه تشكيل حكومة؟ وهل للكتل والأحزاب العراقية نيّة في قبوله وتمريره؟ هل سيكون للأمريكيين دور؛ في تهيأة عوامل النجاح له؟ هل سيلتزم الكاظمي بما اقره مجلس النواب، وما تريده الكتل السياسية بإخراج الأمريكيين من أرض العراق، ثم ماذا عن الإلتزام بالاتفاق الصيني؟
وهل من المتوقع أن ننتظر من الكاظمي ايام سوداء للحشد والفصائل، إذ ستميل كفة النفوذ في الساحة لأمريكا بنسبة كبيرة!..
خطوات الكاظمي في تشكيل الحكومة، وتوجهاته نحو السنة والكرد، تكشف أن حكومته ستكون حكومة محاصصة، لذلك وفي هذه الجزئية من توقعات "ظاهرة" الكاظمي، فأنه لا سبيل امام الفتح؛ الا سلوك المعارضة لحكومة الكاظمي؛ ومواجهتها رقابيا وشعبيا واعلاميا، والتذكير الدائم بأنها حكومة محاصصة، مخالفة لرأي المرجعية العليا، التي لطالما حملت نهج المحاصصة، مسؤولية الخراب واستشراء الفساد وغياب العدالة الاجتماعية..
شكرا
15ـ نيسان ـ 2020
https://telegram.me/buratha